إذا عجز الإنسان عن الانتصار ذهب يصنع الهزيمة، وإذا عجز عن تحقيق الأهداف والغايات والطموحات ذهب يبرر عجزه وانهزامه بتبريرات قد يتهم فيها عالم الخفاء والجن أيضاً، يبحث عن شماعة لفشله حتى يزيح عذاب ضميره وتأنيبه ومحاسبته وصوت الألم المتفجر من داخله، ثم ذهب يشكك ويلمز في نجاحات الآخرين، رامياً إياهم بالتهم التي هي سبب نجاحهم وإلا فهو أحق بالنجاح منهم!. إنه يحتج على ذاته بطريقة متخفية، إنه حينما يطعن في إنجازات الآخرين ومناصبهم ومكانتهم التي ارتآها المجتمع لهم وأوساط المنصفين ذهب بكل غروره يشكك في ولاءات هذه الأوساط والمجتمعات، واصماً إياهم أنهم مجرد مجاملين أو طماعين أو ذوي مصالح. ودائماً أفكر، هل هذا مشكلة عربية خالصة أم أنها طبيعة بشرية موجودة في كل أجناس البشر؟. إني عند التأمل أميل للخيار الأول، وكم أتمنى أن يكون الجواب الثاني هو الأكفأ للرد على تساؤلي. إن الإنجاز في أعين البعض يساوي أن الناجح والمنتصر مارس كل صور الأنانية والبشاعة حتى وصل لنجاحه، إنه لم يستمع لضميره لذلك نجح وساد، أما هم - أي المنهزمون - كانوا ضمائريين، أو إنسانيين لذلك خافوا الانتصار وهابوه. الإنسان يحتج على ذاته وعجزه بصور ونماذج كثيرة، ولكن أكثرها علاجاً لضميره المخذول، وفشله المأزوم، أنه لم يفشل لقلة حيلته وقدرته، ولكنه فشل لأن القوى الخارجية ساومته على نجاحه بأن يكون غير أخلاقي وأبى شموخه هذا النجاح المشبوه، أما هم فقد نجحوا لأنهم خذلوا ضمائرهم، إن هذا هو التفسير الأمثل للضمير المشوّه. Your browser does not support the video tag.