لم يكن مفاجئاً إعلان المملكة عن استضافة اجتماع رباعي لدعم الأردن وانتزاعه من الأزمة الاقتصادية التي يعيشها الآن، فهذا ما تعودناه من الرياض عاصمة الاستقرار في المنطقة ومنطلق المبادرات الحقيقية الرامية للحفاظ على ما تبقى من عمل عربي مشترك. يخطئ من يعتقد أن هذه الخطوة جاءت مدفوعة بالاحتجاجات الشعبية التي أدت إلى استقالة حكومة الملقي فقد عاد الناس لبيوتهم فور الإعلان عن الاستقالة، أو أن دول الخليج تحركت الآن فقط لإنقاذ حليفها في عمّان، فطالما مثّل الأردن نموذجاً حقيقياً للتعاطي بإيجابية بين القيادة والشعب على الرغم من تداعيات الربيع العربي، فيما يبقى الدعم للمملكة الهاشمية مستمراً دون انقطاع رغم كل الظروف والتحديات الإقليمية والدولية. سعودياً.. هناك مجلس تنسيق سعودي أردني وتعاون اقتصادي عالي المستوى انعكس على الميزان التجاري المشترك بين البلدين ناهيك عن الدعم المباشر لتمويل مشروعات تنموية تقدر قيمتها بالمليارات. وفي تقرير سابق لصندوق النقد الدولي احتل الأردن المرتبة الثالثة في قائمة المساعدات السعودية للدول العربية بقيمة تجاوزت أحد عشر مليار ريال ما بين عامي 2011 و2014 مما مثل نسبة ثمانية بالمئة من إجمالي الناتج المحلي الأردني. وبعد ذلك توالت المساعدات بأشكال مختلفة على الرغم من التحديات التي واجهتها المملكة بسبب التراجع الكبير لأسعار النفط وزيادة المساعدات لدول حليفة وشقيقة أخرى مثل مصر أو لتمويل جهود إعادة ودعم الشرعية في اليمن. حتى إنّ مشروع نيوم العملاق الذي أطلقته رؤية 2030 سيساهم في تنمية الاقتصاد الأردني وتوفير آلاف الفرص الوظيفية على الجانب الآخر من الحدود. بعد هذا كله هناك من يحاول كالعادة الاصطياد في الماء العكر واتهام دول الخليج خصوصاً المملكة باستغلال هذا الدعم لتحقيق مكاسب سياسية تتعارض مع موقف الأردن من أزمات المنطقة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، مع أن المتتبع للتصريحات الرسمية بين عمّان والرياض يدرك تطابق المواقف والتنسيق المشترك بين البلدين وبالذات فيما يتعلق بهذه القضية. عندما اشتدت تداعيات الأزمة في الأردن اتضحت المواقف الحقيقية واستجابت الإمارات والكويت لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- للعمل معاً على دعم الشقيقة وشعبها في هذه الظروف. الكل يتطلع الآن لهذا الاجتماع الرباعي الذي ستشهده مكةالمكرمة اليوم والذي من المنتظر أن يخرج بقرارات تاريخية لدعم الاقتصاد الأردني في مسعى حقيقي ومخلص دون إملاءات أو شروط. مرة أخرى، تثبت المملكة أنها عاصمة القرار العربي وأنها الدولة المحورية القادرة على تشكيل التحالفات وقيادة المبادرات المصيرية التي تحمي الاستقرار والنماء في المنطقة في مواجهة من يحاول نشر الفوضى والخراب في بلداننا. Your browser does not support the video tag.