شكلت العلاقة السعودية الإماراتية، منذ تأسيس الدولتين علاقات وطيدة وقوية ومتينة على المستوى التاريخي والجغرافي والثقافي والاجتماعي، حيث إن العلاقات بين البلدين قديمة قدم وجود بشر على هذه الأرض المتجاورة، وأن رابطة الدين واحتياج الناس للذهاب سنوياً للحج واقع يؤكد عمق هذه العلاقة وبعدها التاريخي ومتانتها على المستوي الاجتماعي والجغرافي والفكري، ولاسيما أن العلاقة بين العائلتين الحاكمتين في المملكة والإمارات متجانسة ومنسجمة ومتناغمة من قبل قيام الدول، بحكم الصلة الوشيجة والقرابة، أما العلاقة الثقافية بين البلدين، فعلاوة على دور الحج في الجانب الثقافي، حيث يلتقي الناس من كل قطر في حلقات الذكر ودروس الوعظ وتتاح لهم فرصة التواصل وشراء الكتب، كانت هناك على الدوام جسور أخرى تهيئ لهذا التواصل منها التعليم والأوقاف والقضاء والتبادل الثقافي والفكري من خلال الملحقيات الثقافية والندوات الفكرية، والدور الذي لعبه مثقفو كلا البلدين من بين عوامل أخرى كان من شأنها أن ترتقي بهذه العلاقة إلى مصاف المشترك الثقافي والاجتماعي الذي تذوب تحت لوائه أي فروقات بين المجتمعين. ولتوضيح الأواصل المتينة لهذه العلاقات، لما كانت المملكة العربية السعودية سباقة في هذا المجال، فقد كان لعلمائها دور بارز في التثاقف مع الشعوب الأخرى عموماً ومع شعوب منطقة الخليج على وجه الخصوص، حيث توافد علماء السعودية إلى الإمارات واستقروا فيها وأصبحوا من أهلها، وتجلت هذه العلاقة المتينة الثنائية بين الأشقاء بتقاطر العديد من أبناء الإمارات للدراسة في السعودية وتأسيس المدارس والمعاهد في البلدين وتبادل العلماء والشعراء، حيث تطول قائمة هذا التبادل الثقافي والمعرفي، فضلًا عن تداخل الأنساب بين أبناء البلدين. والقواسم المشتركة التي تجمع بين البلدين لا تقتصر على العمل الثنائي داخل حدود البلدين فحسب، بل تتعداها لتصل إلى المحافل الدولية، حيث تطول قائمة المشروعات والمبادرات الثقافية المشتركة، ويوجد في دولة الإمارات أكثر من 3200 طالب وطالبة من المملكة يدرسون في الجامعات الإماراتية المختلفة المرموقة فضلاً عن جالية سعودية تقطن في مدن دولة الإمارات، كما يوجد رجال الأعمال ومؤسسات ثقافية وإعلامية تعمل في الإمارات وهناك أكثر من 300 إعلامي سعودي يعملون في المؤسسات الثقافية والإعلامية ومراكز الدراسات والبحوث في الإمارات. وتأتي اتفاقية "استراتيجية العزم" تعزز هذه العلاقة الأخوية المتينة مما يعزز هذه التوأمة السعودية الإماراتية على جميع الصعد، وهذا الاتفاق الشامل المتكامل يبنى عليه على أساس أنه مشروع عربي خليجي متكامل لصون والحفاظ على الهوية العربية والخليجية المصيرية الواحدة. ولو عدنا بالتاريخ إلى الوراء قليلا لوجدنا أن العلاقة القوية بين القيادتين متماسكة ومنسجمة ومتناغمة في جميع المجالات الفكرية والثقافية والتاريخية والجغرافية، حيث إن المجتمع السعودي والإماراتي مجتمع واحد تربطه علاقة الدين واللغة والثقافة والعادات والتقاليد لاسيما ان هذا المجتمع ينصهر في بيئة واحدة. Your browser does not support the video tag.