أكد عدد من الدبلوماسيين والخبراء والأكاديميين ارتباط المملكة العربية السعودية، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ودولة الإمارات العربية المتحدة، بقيادة أخيه "الشيخ خليفة بن زايد بن سلطان آل نهيان"، بعلاقات تاريخية أزلية قديمة، تعززها روابط الدم والمصير المشترك، التي تشهد مستويات متقدمة من المتانة والقوة والانسجام والتناغم. وضربوا مثالًا على ذلك بحجم ونوعية التفاعل والأحداث ومختلف القرارات والأنشطة والفعاليات والبرامج، التي تنفذ هنا وهناك، في ظل تنسيق وتعاون عالي المستوى في مختلف المجالات، وفي مختلف المناسبات العامة والوطنية، كاليوم الوطني السعودي، واليوم الوطني الإماراتي.
وأشاروا إلى أحدث تلك النماذج في دعم تلك العلاقات، وهي الفعاليات التي شهدها الجناح السعودي في معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته ال34، من إقامة أمسية شعرية سعودية إماراتية بمناسبة "يوم الشهيد"، وكذلك في الوقت الذي أسدل "ستار الختام" يوم أمس على معرض الشارقة الدولي للكتاب؛ حيث كانت المملكة العربية السعودية، على موعد مع "انطلاقة وفاء" من جناحها، الذي أطلق مع ختام الحدث الثقافي فعالياته الأخوية، نحو الاحتفاء بيوم الاتحاد الإماراتي، وفاءً لمشاعر الأخوة في الإمارات، وبما يليق بمشاعر الحب بين البلدين الشقيقين وعلاقتهما.
وأطلقت الملحقية الثقافية السعودية في الإمارات كوكبة برامجها للاحتفاء، وبدأت بعقد ندوة في جناح المملكة بمعرض الشارقة للكتاب بحضور مفكرين سعوديين وإماراتيين؛ ندوة تحت شعار: "اتحاد يسكن في ذاتي.. سعودي إماراتي" وبرعايةٍ من "سبق" تتحدث عن متانة العلاقات السعودية الإماراتية، والتي أدارها "الدكتور محمد المسعودي" مدير الشؤون الثقافية بالملحقية، الذي أكد أن العلاقات بين السعودية والإمارات علاقات ممتدة عبر التاريخ نتج عنها الحب والتآلف والتحالف، واتحاد انعكس جليًّا ليربط الدولتين الشقيقتين، موضحًا أن هذه الندوة تأتي متسقة مع "نهج العلاقات السعودية الإماراتية للاحتفاء بيوم الاتحاد الإماراتي".
علاقات وطيدة: استهل نائب مدير جامعة الشارقة، "الدكتور صالح طاهر"، الحديث عن الجانب الأكاديمي بين المملكة ودولة الإمارات، مؤكدًا على أنها علاقات وطيدة متطورة وعلى مستوى عالٍ من المهنية، وأشار إلى أن قطاع التعليم في دولتي السعودية والإمارات خلال العشرين عامًا الماضية حقق طفرة نوعية بسبب الانفتاح وزيادة الطلب على التعليم العالي؛ ولهذا تنوعت الجامعات وكبرت وزادت التخصصات، وعلى سبيل المثال: جامعة الشارقة تقوم بالتواصل الدائم مع الملحقية الثقافية السعودية لاستحداث التخصصات، وتحتضن نسبة 12% من الطلبة السعوديين، وهى أعلى نسبة طلبة من دول الخليج، إضافة إلى تبادل الزيارات الأكاديمية بين المملكة ودولة الإمارات.
تقارب ثقافي: أكد "الدكتور صالح الدوسري"، الملحق الثقافي السعودي في الإمارات، أن العلاقات السعودية الإماراتية لم تكن شيئًا مستغربًا؛ نظرًا لما يربط الدولتين من أواصر الأخوة والتعاون واللحمة، في كافة المناحي السياسية والاجتماعية والتعليمية والثقافية، مشيرًا إلى أن الملحقية الثقافية السعودية أنشئت قبل وجود اتحاد الإمارات، عمرها أكثر من خمسين عامًا، وهو ما يؤكد العلاقات المتينة التي تجمع حكام الإمارات بإخوانهم ملوك السعودية، والتي توطدت بهذا الاتحاد، الذي يضاف إلى رصيد الحكمة والثقافة والنظرة المستقبلية.
وأضاف: أنشئت الملحقية آنذاك للإشراف على المعلمين السعوديين العاملين في دولة الإمارات، ليتطور الأمر بعد ذلك ويتحول الإشراف مع الزمن الأمر ليتحول على الطلبة الدارسين في الجامعات الإماراتية؛ حيث يبلغ عدد الطلبة السعوديين فى الإمارات حالياً "1852" طالبًا وطالبة وفق آخر إحصائية، يدرس منهم في الشارقة "700" طالب وطالبة من فصول التعليم العام وحتى التعليم العالي، والباقون في تسع جامعات إماراتية، إضافة إلى عدد الطلبة الدارسين في أكاديمية شرطة دبي، ورعاية الطلبة الموهوبين بدعمهم والتحفيز المادي والمعنوي لهم، برعاية معالي سفير المملكة "الدكتور محمد بن عبد الرحمن البشر"، الذي لا يدخر جهدًا في رعاية المناسبات والمحافل الدولية.
تواصل ثقافي: وأشار "الدوسري" إلى أن الملحقية تؤكد الدور المنوط بها من حيث البعد الأكاديمي الذي تسعى من خلاله إلى توطيد العلاقة بين وزارة التعليم السعودية والجامعات الإماراتية، متمثلاً في تبادل الخبرات الخاضعة لمعايير الاعتماد الأكاديمي، بالإضافة إلى الجانب الأكبر المتمثل في البعد الثقافي الذي تدعمه الأدوار الثقافية الكبيرة التي تتمتع بها دولة الإمارات، ولعل من أهمها معرضي أبوظبي والشارقة الدوليين للكتاب، وأكد "الدوسري" أن هذين الحدثين الهامين يستحوذان على اهتمام كبير في الملحقية الثقافية، على اعتبار الرسالة الثقافية التي تحققها المملكة من خلال هذه المحافل العالمية.
توجه إنساني: أكد "الدوسري" استمرار الملحقية في دورها دعمًا لأواصر التعاون البناء بين المملكة والإمارات؛ وهو ما جعلها وفق هذه الأواصر تطلق عدة مشروعات؛ كالأسبوع الثقافي السعودي الإماراتي لدعم ذوي الإعاقة من البلدين، الذي يضم عدداً من معارض الفن التشكيلي لذوي الإعاقة وورش العمل المتخصصة والمحاضرات، وهو ما يأتي امتدادًا للرغبة الأكيدة لدى المسؤولين في إبراز رؤية القيادتين والدعم والاهتمام الإنساني الرفيع لتلك الفئة، مشيرًا إلى أن لدى الملحقية ما يقرب من 230 مبتعثًا في كافة أنواع الإعاقة في مراكز خاصة معتمدة.
أسرة واحدة: وتحدثت "صالحة غابش"، المدير الثقافي والإعلامي في المجلس الإعلامي لشؤون الأسرة في الإمارات؛ عن المفهوم الأسري، مؤكدة أن الأسرة تعتبر الإطار الذي يحدد تصرفات أفرادها؛ فهي التي تشكل حياتهم وتضفي عليهم خصائصها وطبيعتها، والأسرة هي منطلق الوعي الاجتماعي والتراث القومي والحضاري، ومن هذا المنطلق نجد أن هناك الكثير من الأسر السعودية تعيش على أرض الإمارات، والعكس يذكر، مشيرة إلى أن هذه الأسر تتفاعل مع المجتمع بصورة إيجابية تشارك في العديد من الجمعيات والمؤسسات.
وأوضحت أن المرأة السعودية كانت تلعب دورًا واضحًا في النشاط الثقافي والاجتماعي في دولة الإمارات؛ حيث كانت لها بصمات إبداعية واضحة في رابطة أديبات الإمارات وملتقى الفتيات المسلمات، إضافة للمشاركة في العديد من الأمسيات الأدبية والندوات وحلقات النقاش الثرية هل الساحة الثقافية الإماراتية.
هموم مشتركة: قال "إبراهيم الهاشمي"، رئيس فرع اتحاد وكتاب الإمارات: إننا في منطقة الجزيرة العربية كلنا أسرة واحدة، تتعدد فيما بيننا صلات النسب، وهناك دليل يؤكد على ارتباط المنطقة ببعضها، وهذا يعكس ما مرت به الإمارات والسعودية كنموذج من العلاقات على مر القرون، زخرت الجزيرة العربية بشجرة واحدة تفرعت منها أصول الحب والقوة والتكاتف والتعاون، يسيرون قيادةً وشعباً نحو تأصيل العلاقات التاريخية وترسيخ الثوابت الوطنية وتكريس القيم العالية، وحفظ المواطن ورعايته وحمايته والعناية بشؤونه.
وأضاف أن الإحساس الإماراتي والسعودي يتأصل في نماذج عديدة من ضمنها أن من يتولى بعض المناصب الشرعية والتدريس في الدولة من السعودية، كما أن من أشهر الشعراء الذي تغنوا بحب الإمارات، وخاصة دبي: الشاعر السعودي "مبارك بن محمد"، الذي قضى أكثر من 53 عامًا من عمره في الإمارات، كما أن هناك جامعة سعودية في رأس الخيمة.
وأضاف أن تكريم "الأمير خالد الفيصل" شخصية العام الثقافية بمعرض الشارقة، وقبله خادم الحرمين الشريفين "الملك عبدالله بن عبد العزيز"-رحمه الله- الذي اختير شخصية العام الثقافية في إحدى دورات معرض أبو ظبي للكتاب، وإقامة ندوة في صالون المملكة عن العلاقات السعودية الإماراتية، وإصدار مجلة ثقافية سعودية تتحدث عن الرصد الثقافي للإمارات والمملكة؛ كلها أمور تعكس عمق الصلة والعلاقة بين الدولتين الشقيقتين.
صمام أمان: أكدت المحامية "غادة عبد الرزاق"، أن هناك علاقات قانونية تربط بين المملكة والإمارات تعود لعمق الجذور بين اتحاد "الشيخ زايد" والملك فيصل بن عبد العزيز- رحمهما الله- مؤكدة أن هناك الكثير من نقاط التلاقي على كافة الأصعدة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية بين القيادتين، مشيرة للاتفاقيات القانونية بين البلدين؛ كاتفاقية التعاون الأمني، واتفاقية تنفيذ الأحكام، إضافة إلى عقد المؤتمرات والندوات والملتقيات القانونية والقضائية بين وزراء العدل والصحة، وغيرها الكثير من المؤتمرات، والتي كان من بينها مؤتمر ترخيص حق المرأة السعودية في العمل بالقضاء.
صدى ثقافي واسع: وأشارت الكاتبة الإماراتية "أسماء الزرعوني" إلى أن قراءتها للروايات السعودية والإماراتية جعلتها تدرك أنها تحمل نفس القضايا، مضيفة: كلنا مجتمع واحد؛ فالبيت بيننا متوحد، مؤكدة أنه من دواعي الفخر والاعتزاز أن يكون هناك منتدى بارز وله صدى ثقافي؛ كالصالون الثقافي السعودي الذي تميزت به مشاركات السعودية في أجنحتها بمعارض الكتاب الثقافية بالإمارات، هذا الصالون المشرف الذي يحمل معنى لرسالة المملكة أمام العالم بشكل عام والإمارات بشكل خاص، ويعكس الصدى الثقافي للمملكة ودولة الإمارات.