سأحلق بكم برحلة قصيرة على متن هذه الصحيفة الغراء؛ لأستعيد بذاكرتي أجواء عشر سنوات مضت يوم كان ميلاد طفلي أسامة 20 / 7 / 2008، لأكتب واضع بين أيديكم تجربتي مع طفلي البطل أسامة ذي القدرات الخاصة، هادفة إلى تشجيع الأسر التي لديها طفل أو أكثر من ذوي الاحتياجات الخاصة لتتعايش وتعمل بجد وبلا كلل للنهوض بقدرات طفلها بغية دمجه مع المجتمع لتضمن له الحياة الكريمة في مجتمع من الأسوياء ولتتغلب هي على الضغوط النفسية التي قد تتعرض لها ليل نهار. من الطبيعي جداً أنه أثناء فترة الحمل ستحلم كل أم بولادة طفل جميل فتقوم بالإعداد المسبق لاستقبال القادم الجديد وتحلم وتتمنى بأن يكون جنس المولود ذكراً أو أنثى فتقوم بتجهيز واختيار الحاجات الخاصة به سواء ملابسه أو أثاث غرفته.. الخ. ولكون الإنسان متفائل بطبعه ولأنها مرحلة حلم لا يفكر أحد منا كيف ستكون حالة المولود الجديد؟ هل هو طبيعي أم مشوه؟ عبقري أم متخلف؟ كل هذه التساؤلات لا تخطر أبداً ببالنا لأننا لسنا على استعداد للتفكير بها أصلاً، ولكن بعد الولادة وسبحان من وهب، قد تختفي ابتسامة كل من جاء إليك وذهب. فبمجرد أن يعلموا بإعاقته تجد الكثير منهم يجزع، أما القليل منهم يتقدم ويتشجع لاحتضان هذه المنحة الربانية ولا يرى أنها محنة، وقد صدقوا في ذلك ولم أنسَ منهم تلك العبارات التشجيعية والدموع الغالية. أصدقكم القول إنني بداية لم أتحمل هذا المصاب حتى جاءت من تهمس في أذني وكأنها أرسلت لي من السماء قائلة لي: أختاه إن أجرك مضاعف عن الأم التى ابنها معافى وسليم، فكلما كنت أحن وأطيب معه طابت أيامك وزاد أجرك عند الكريم العظيم. فمن يَرحم يُرحم من الرب الرحمن الرحيم، ولا تلتفتي إلى من ينظر إلى ولدك نظرة ازدراء، اتركيهم خلفك ولا تعيري لهم أي انتباه، وارضي بقضاء الله وقدره وتعاملي مع هذا الأمر برضا وتسليم وصبر، فهدوؤك واطمئنانك يؤثر على طفلك فيشعر بما تشعرين به لأنك أنت الأقرب لقلبه وعقله، وعليك بالمتابعة الدائمة واطلبي من الله دائماً العون واللطف. فإلى كل من ابتلاه الله سبحانه وتعالى بطفل معوق أياً كانت إعاقته أو درجتها عليه أن ينظر للأمر بمنظار واسع منظار يدرك حقيقة هذه الحياة وموضع الابتلاء فيها فلاشك أن الإيمان بالله، ثم بالإدراك المعرفي سيكون لدينا أولى خطوات حل المشكلة النفسية وستبقى المعرفة بحقيقة هذه الدنيا كالسد المنيع الذي يقف في وجه خروج مشاعر الحزن عن حدودها الآمنة إنه ذلك الصبر الجميل رغم الحزن سندرك أن النعمة وراء المحنة، فالصبر الجميل هو قلب راض وثبات بإيمان، لذا دعونا نحول هذه الدموع لقوة أكبر تدفعهم نحو الأمام حتى نغير من حالهم لأقصى درجة يمكننا أن نصل إليها. لا تيأسوا من فعل ذلك حتى التحسن الصغير سيقدم فرقاً هائلاً في الحياة لذلك تحدث ربنا في سورة الزلزلة عن الذرة من الخير والذرة من الشر. «من لا يشكر الناس لا يشكر الله» فأتقدم بالشكر الجزيل لمجلس ومنتسبي وأصدقاء جمعية الأطفال المعوقين على دورهم الريادي الرائع والإنساني اللافت والخيري والتوعوي المتكامل لهذه الفئة وذويهم عبر مراكزها وفروعها المنتشرة في مملكتنا، مملكة الإنسانية والخير والنماء والتي تقدم الرعاية الصحية والاهتمام والعلاج الطبيعي والتثقيف والتهيئة النفسية اللازمة والمسبقة لكل شركاء أطفالنا ذوي القدرات الخاصة القريبين منهم، حتى ينطلقوا - بإذن الله - معتمدين على أنفسهم في ميادين الإبداع والابتكار والتميز. Your browser does not support the video tag.