تستمر المملكة في استكمال منظومتها القانونية لتكون دولة مدنية عصرية تقوم على أرضية توفر الأمن والعدالة والحياة الكريمة وظروف التنمية الشاملة. التحرش الذي يكاد يتحول الى ظاهرة في بعض الدول أصبح يهدد حقوق الإنسان وخصوصيته وكرامته. عندما يشعر الإنسان بالقلق في الشارع أو في عمله أو في مدرسته خوفاً من التحرش فهذا قلق خطير يستدعي وجود قوانين واضحة وصارمة للتصدي لجريمة التحرش بالعقوبات المقننة المناسبة لكل مستوى من مستويات التحرش بهدف مكافحة هذه الجريمة وحماية المجتمع من أخطارها. نظام مكافحة التحرش الذي اعتمده مجلس الوزراء ويهدف كما جاء في بيان مجلس الشورى إلى مكافحة جريمة التحرش والحيلولة دون وقوعها وتطبيق العقوبة على مرتكبيها وحماية المجني عليه، وذلك صيانة لخصوصية الفرد وكرامته وحريته الشخصية التي كفلتها أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة. تفاصيل النظام جاءت واضحة وقوية وشاملة لأن التحرش قد يتعرض له الجميع، المرأة والرجل والطفل، والمعوقين جسدياً أو عقلياً، وقد يقع بين أفراد الجنس الواحد. ولم يهمل النظام جريمة الاستغلال الخاطئ للسلطة حين يتعرض الطرف الضعيف للاستغلال من الطرف القوي، وقد يحدث هذا الاستغلال في مواقع العمل، وكيف لبيئة عمل أن تكون منتجة مع وجود قلق التحرش. ولم يهمل النظام أيضاً الشكاوى الكيدية فأوجد عقوبات للبلاغات الكيدية التي تأتي بدافع الانتقام. يعتقد البعض أن النظام يقصد به حماية المرأة فقط، وهذا غير صحيح فالتحرش حسب تعريف النظام هو كل قول أو فعل أو إشارة ذات مدلول جنسي تصدر من شخص تجاه أي شخص آخر بمس جسده أو عرضه أو يخدش حياءه بأي وسيلة كانت بما في ذلك التقنية الحديثة. وهكذا فالنظام يتسم بالشمولية وينتصر لحقوق الإنسان انطلاقاً من أحكام الشريعة الإسلامية. ومن أهدافه الحد من تباين الأحكام التي كانت تصدر لمعاقبة أصحاب هذا السلوك. بعد صدور هذا النظام ننتظر دور المنابر الدينية والإعلامية والمؤسسات والأجهزة المختلفة لكي تقوم بدور التوعية والتثقيف، وتنفيذ ورش العمل التي توضح أهمية النظام وأهدافه وتشرح مواده وتوضح أي نقاط غامضة إن وجدت. وقد طلب النظام التشديد على الجهات المعنية في القطاع الحكومي والأهلي لوضع التدابير اللازمة لمنع التحرش ومكافحته في إطار بيئة العمل وإلزامها بمساءلة أي من منتسبيها تأديبياً في حالة مخالفة أحكام نظام مكافحة جريمة التحرش. وأخيراً نقول لمن فهم النظام بطريقة خاطئة أنه نظام مرن سيتضح بعد التطبيق والتقييم ما إذا كان بحاجة للإضافة أو التفصيل أو التوضيح. ونقول أيضاً أن ليس من الحكمة والمنطق التسرع في الحكم على النظام أو طرح أسئلة تتقصد التشكيك وليس البحث عن الحقيقة. هذا النظام لمصلحة الجميع ولمجتمع مثله مثل أي مجتمع إنساني لا يخلو من ممارسات شاذة لا بد من إيقافها بالقانون. Your browser does not support the video tag.