عاد ملف التحرش إلى الواجهة بعد توجيه خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- لوزارة الداخلية بإعداد مشروع نظام لمكافحة التحرش والذي ستحدد من خلاله العقوبات اللازمة لمنع فعل التحرش بمختلف أنواعه لما يشكله من مخاطر وسلبيات على حياة الأسرة والمرأة والفرد وذلك خلال ستين يوماً من تاريخه مما يشير إلى أن القيادة الرشيدة حريصة على سلامة بيئة الحياة العملية الجديدة للمرأة بشكل خاص ومواجهة كل من تسول له نفسه إرباك مسيرتها ويمكن وصف هذا القانون بالوقائي لمستقبل مشرق للمجتمع. وفي هذا السياق أشاد المحامي ماجد قاروب -رئيس مبادرة تكامل للمعونة القضائية- بتوجيه خادم الحرمين الشريفين بإعداد هذا المشروع خلال ستين يوماً خاصة وأن النظام العام في المملكة مستمد من الشريعة الإسلامية والسنة الشريفة التي فيها من القواعد الشريعة ما يحفظ كرامة وخصوصية الإنسان وحقوقه في البيت والحياة العامة والعمل وهذه القواعد الشرعية تحمي الحقوق الإنسانية بشكل عام وحق المرأة بشكل خاص وأن أي اعتداء على كرامة الإنسان وشرفه أمر مجرم ومحرم في الشريعة الإسلامية ويعاقب من ارتكبها ومن ضمن هذه الأفعال فعل التحرش بمختلف أنواعه وجميعها محرمة وفيها تجاوز على حرية الإنسان وكرامته وشرفه وأمانته ونزاهته. وقال: بقدر حاجتنا إلى سن قانون خاص بالتحرش إلا أننا بحاجة إلى تفعيل ثقافة التقاضي فللأسف نعلم أن هناك حالات تحرش داخل المجتمع وفي أماكن العمل وغيرها ولكن ما يحدث هو التكتم على هذه الجرائم والأفعال من قبل الأهالي أو من قبل ضحايا التحرش؛ وذلك ربما لأسباب مختلفة منها ثقافة العيب والعادات والتقاليد ومنها الخشية من كلام الناس، مبيناً أن تجميعها في قانون مفصل بالتحرش سيزيد من الوعي والثقافة بما هو محرم ومجرم تحت بند التحرش بجميع أنواعه وأشكاله ويظل موضوع التفعيل هو الأهم لهذا القانون من جميع الجهات ذات العلاقة به سواء كان المتحرش بهم أو الأجهزة ذات العلاقة في القضاء والنيابة والشرطة بحيث يمكن ويسهل استخدام وتفعيل هذا القانون بصورة فورية وسريعة لأنه يعتبر من القضايا المستعجلة بسبب أنها معنية بحفظ الأمن والاستقرار والهدوء الاجتماعي لضمان سلاسة العمل والحياة بصورة سليمة وسهلة لجميع المواطنين والمواطنات في كل مكان سواء في مكان عمل أو عام أو أماكن خاصة وهذا الأمر يشمل في حمايته المواطن والمقيم والزائر ونتطلع لأدوار مهمة للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان ولجان المحامين بالغرف للقيام بدورها التوعوي والتثقيفي لكافة فئات المجتمع للتعريف بأهمية هذا القانون الجديد الخاص بالتحرش عند صدوره. تجريم الأقوال والتصرفات وقال د. عبدالعزيز الشبرمي -محام ومستشار قانوني-: إنه بعد صدور الأمر السامي بإصدار رخص القيادة للسيدات وتبعه القرار المتضمن إصدار قانون للتحرش أصبح لزاماً على ساني الأنظمة في المملكة خلال المهلة المحددة لبدء تتفيذ القرار بتاريخ 10-10-1439 أن يسنوا نظاماً يجرم فيه الأفعال التي تصدر من الرجال تجاه النساء والقصد منها المضايقة أو التحرش اللفظي والعملي أسوة بدول العالم، ويجب أن يتم تجريم الأفعال والأقوال والتصرفات التي يشتكي منها السيدات والتي تصدر في مواجهتهن للرجال في الميادين العامة والخاصة والتي تصنف على أنها سيئة النية ولتحقيق مقاصد غير شريفة بدءاً من الكلمات النابية أو الطلبات غير المشروعة وانتهاء بجرائم الاختطاف وهتك الأعراض المعصومة كما يجب أن تسن العقوبات الرادعة والتي تصل للقتل وتطبيق أحكام الحرابة على المعتدين على الأموال والأعراض بالقوة والتهديد بالسلاح داخل المدن وخارجها ومروراً بعقوبات السجن والغرامة المالية والتشهير والمنع من القيادة للقضايا التي تقل عن هتك الأعراض كالمضايقة وطلب التواصل وتعطيل الحركة المرورية أو التعدي بالعبث بالأجساد المعصومة حتى تأمن فيه المرأة وذووها من تسلط المراهقين وتصرفاتهم غير المسؤولة وحتى تحفظ الكرامة وتوءد الفتنة. نظام الحماية من الإيذاء وأشاد د. يوسف الجبر -عضو الهيئة السعودية للمحامين- بإصدار قانون التحرش قائلاً: إن التحرش جريمة تخلف آثاراً سلبية متعددة، ومنها الإيذاء المادي والمعنوي والشعور بالإهانة والاكتئاب، ومشكلات اجتماعية مختلفة، ولذلك وجبت مشاركة القانون في محاربة هذه الظاهرة كواحد من أهم وسائل الضبط الاجتماعي وتظهر أهمية تقنين عقوبة التحرش ليمنع الاجتهاد غير الواعي في تعريف التحرش وتقدير جزائه بما لا يلبي نداء التضرر والشكوى. وأضاف أنه لا يغني عن قانون التحرش ما صدر قبله وهو نظام الحماية من الإيذاء فهو لم يتصد لجميع صور التحرش الجنسي، والعقوبة المحددة فيه غير كافية لتوفير حماية لضحايا التحرش وهو أقرب لمعالجة العنف الأسري، أما التحرش العام فيحتاج قانوناً مستقلاً يعرف بالتحرش بشكل شامل فهو ينطبق على أية صيغة من الكلمات غير المرغوب بها أو الأفعال ذات الطابع الجنسي والتي تنتهك جسد أو خصوصية أو مشاعر شخص ما وتجعله يشعر بعدم الارتياح، أو التهديد، أو عدم الأمان كما أننا بحاجة لتعداد صور التحرش وأشكاله مما ينطبق عليه القانون، وفرض عقوبة مناسبة لكل صورة منها، مع تفريد العقاب بوضع حد أدنى للعقوبة وحد أعلى وتترك سلطة تقديرية للقاضي ليحدد الجزاء المناسب حسب الظروف المحيطة وملابسات القضية وسجل المتهم. وذكر قائلاً.. سابقاً طرحت فكرة هذا المشروع في بحث عن صور العنف الاجتماعي ومنها العنف الجنسي، وذلك قبل حوالي 15 سنة، وأكدت على أن سن قانون التحرش يعني وضع قواعد حماية للنساء والأطفال، مما يسهل حركتهم ويدعم مشاركتهم ويبرز إبداعاتهم، وهي ستخلق حزام هيبة حول الضحايا المحتملين للتحرش فالعقوبة الرادعة تجعل المجرم يتردد مراراً قبل أن يرتكب جريمته، وبوجود القانون يغلق باب التدخلات السلبية، والشفاعات المحرمة، ونضمن نتيجة المحاكمة بما يحقق أهداف القانون. توضيح العقوبة ولفت بدر الروقي- المحامي والمستشار القانوني والمحكم الدولي والأمين العام للمفوضية الدولية للتحكيم- أن الأنظمة المعمول بها حالياً في حال ثبت التحرش هي الأحكام التعزيرية التي تعطي القاضي الحق في سن العقاب الرادع للجاني بحسب الضرر من الجرم الواقع على الضحية وتصل التعزيزات إلى الإعدام إذا اقترن بخطف الضحية خارج العمران، وقال: لا أَجِد أن سن قانون خاص بالتحرش مجدٍ بمفهومه الحالي خصوصاً أنه سيصبح قانوناً عاماً، وبتوضيح أي عقوبة ستصدر سواء عقبة مالية أو عقوبة سجن هي من حق الدولة مثلها مثل نظام (الحماية من الإيذاء) لن تستفيد منه الضحية بطريقة مباشرة، ويحتاج الأخير إلى إقامة دعوى بالحق الخاص وسيحكم له بنظام الحالي وإذا أردنا أن ننجح في سن قانون خاص ب (التحرش) ويكون مجدياً ورادعاً يجب علينا دمجه بقانون للحق الخاص بمواد قانونية تتبع الحق العام في نفس السياق ويضاف عليها عقوبة (التشهير) للردع؛ والسبب في ذلك خوف الضحية من المطالبة بالحق الخاص بما يتبعه من حضور جلسات أو عادات اجتماعية مع العلم أن هناك عدداً من القوانين التي تطرقت إلى حالة من حالات التحرش في نظام العمل والنظام الجزائي إضافة إلى نظام الحماية من الإيذاء المذكور سابقاً ويجب على الجهات ذات العلاقة تنسيق القوانين بعضها ببعض حتى لا يكون هناك ازدواجية القوانين مع صدور قانون التحرش. وأكد الروقى أنه لا يجب حصر قانون التحرش والترويج له على أنه فقط من أجل (قيادة المرأة) فهناك العديد من الصور وحالات التحرش التي يجب أن يشملها النظام أو القانون عند صدوره؛ منها المعاكسات الهاتفية أو الميدانية في الأسواق أو الشوارع إضافة إلى تغليظ العقوبات في حال كانت الضحية من القصر أو ذوي الاحتياجات الخاصة أو فاقدي الأهلية مثل المجنون لافتاً إلى أنه تقدم سابقاً عدد من أعضاء مجلس الشورى في سنة 2015 بطلب تغيير مسمى (قانون التحرش) إلى نظام (حماية العرض) وهو حسب منطقهم أشمل وأوسع من قانون التحرش والعقوبات فيه تشمل الجنسين الذكر والأثنى ولم يحدد سقف العقوبات المقترحة حيث يتوقع أن يتركز هذا المشروع على عدد من نقاط المفسرة لمعني التحرش التي يندرج تحتها الابتزاز والتهديد ولكن المشروع لم ير النور. مطلب حقوقي وقانوني ويرى خالد الفاخري -محام- أن التوجيه السامي الكريم بإصدار نظام التحرش يعتبر مطلباً حقوقياً وقانونياً ويعتبر مكملاً للمنظومة القانونية في المملكة التي تعتمد على أنظمة وتتضمن عقوبات معينة وتجرم سلوكيات قد تحدث في المجتمع وبالتالي فإنه يحميهم من أي تجاوزات قد تحدث ويضمن حقوق الأفراد ويضمن عدم تجاوز الغير على هذه الحقوق سواء باللفظ أو القول أو اللمس أو التلميحات، ولفت إلى أن البعض يعتقد أن نظام التحرش يجب أن يكون مرتبطاً بشيء جسدي وهذا اعتقاد خاطئ فالتحرش له عدة صور فقد يكون باللمس أو النظر أو الكلام أو إيحاء كإرسال مواد مخالفة للذوق العام يفهم منها الطرف الآخر أنه سلوك تحرش ووجود النظام سيستفاد منه من عدة جوانب لأنه سيضبط أي سلوكيات تتجاوز حدود الغير وسيكون إجراء وقائياً لكل من تسول له نفسه القيام بمثل هذه السلوكيات وهو بمثابة إجراء وقائي وعقابي لأنه من خلاله سيتم احترام الحياة الخاصة للناس ولن يكون بيننا أناس يعتقدون أنهم أوصياء على المجتمع أو أن يتجاوزوا حدود الغير بأي شكل والتوجيه الكريم والمحدد له ثلاثين يوماً صدر ليقضي على أي اجتهادات أو تأخير لهذا القانون. وحول العقوبات المقترح أن يتضمنها قانون التحرش، قال الفاخري: إنني لا أود التكهن بالعقوبات ولكنني مع تقنين العقوبات بمعنى إذا وجدت إجراءات معينة وعقوبات مقننة لكل جريمة فهذا يعني أنه أصبحت معروفة مسبقاً لدى الفرد ما هي نوعية العقوبة التي ستطاله ومن وجهة نظري أن تبدأ مثلاً بتقيد الحرية لمدة شهر لمن تلفظ بما يخدش الحياء والغرامة المالية 5000 آلاف ريال وترتفع بارتفاع الفعل والسلوك والذي يقع من الطرف للطرف الآخر وحجم الضرر الذي وقع على المتحرش به فقد يكون الضرر نفسياً أو اجتماعياً وقد يكون محاطاً بالأسرة إضافة قد يكون التحرش داخل محيط عمل أو مكان كالسوق أو الشارع وجميع هذه الصور سيضبطها النظام مثلما ضبط النظام مستخدمي التواصل الاجتماعي ومستخدمي البرامج الإلكترونية، ونظام التحرش إيجابي سيساهم في تأصيل حقوق الإنسان وتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية التي قامت عليها أسس البلاد ونص عليها النظام الأساسي للحكم في المملكة. ماجد قاروب د. يوسف الجبر د. عبدالعزيز الشيرمي بدر الروقي خالد الفاخري