إنها المدينةالمنورة بإرثها التاريخي والتراثي, بغناها الإنساني والروحي والوجداني تلفت أنظار الدنيا بأسرها, اختارها الله مهجرا لخيرة أنبيائه وصفوة خلقه, فحط فيها الرحال وتضوع الكون مسكا, وتحدث التاريخ بأفصح لسان عن بلدة شرفها الله بمحمد صلى الله عليه وسلم, وفي المناسبات الدينية الفاضلة تتملك البقعة الطيبة القلوب والمهج ممزوجة بعبق الأرض الطاهرة وقدسية السماء. ليس غريبا أن تهواها الأفئدة التي مازالت أناشيد الأنصار ملء سمعها وبصرها, ترحيبا بالنبي الخاتم "طلع البدر علينا ..من ثنيات الوداع", وجوه متهللة تحمل عمرا من الشوق يمتد لأكثر من أربعة عشر قرنا, وما إن يضع الزائر أمتعته في نزله حتى يدفعه الهيام للحرم الشريف فتحمله الأقدام المنهكة من طول السفر ويأخذ الشوق مبلغه منه في الروضة الشريفة والمحراب النبوي والمواجهة العظيمة, كلما رفع الأكف ضراعة وصلاة ألقى بهموم الحياة ومشقتها عنه. يروي المكان عناية فائقة وانحيازا إيمانيا من ملوك الدولة العظام الذين تحروا في عملهم المخلص مرضاة الله, فكانت التوسعات العملاقة والعمارة المتقنة مبهرة لكل زائر, وما إن تختط الأقدام ممر السلام نحو المواجهة حتى تتحشرج الكلمات, وتفيض العبرات, فيتلو الزيارة غاضا صوته امتثالا "إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى", "السلام عليك يا نبي الله.. السلام عليك يا خليفته الصديق, ويا فاروق هذه الأمة ورحمة الله وبركاته". كل زائر تستوقفه إطلالة الحجرات, الإسطوانات, الخوخة المحاريب الثلاث, والدكات, ويتعجب من كثرة الأبواب وضخامتها, وعلو المآذن, وكثرة القباب وجمالها, النقوش والزخارف, تمازج القديم والحديث, وكل جزء سيظل يروي قصصا من الإيمان والنور مدى الزمان. أمام الروضة الشريفة Your browser does not support the video tag.