اوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ د. فيصل غزاوي المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته وإجتناب نواهيه ، وقال في خطبة الجمعة يوم أمس من المسجد الحرام بمكةالمكرمة إن للمؤمن القوي علاماتٍ تدلّ على قوّته وكمال شخصيته ومن ذلك: المبادرة بفعل الخيرات والاجتهاد في العبادات وتحصيل الحسنات واغتنام القربات والتعرض للنفحات، فجهده البدنيّ وقوّته مسخّرة لمرضاة الله تعالى بعيداً عن الانشغال بأمور الدّنيا ومتاعها الزّائل وشهواتها الفانية. ومن العلامات أن المؤمن صاحبُ إرادة قوية وهمة عالية طموحة لا يضعف ولا يستكين بل تجمّله شجاعة في مواطن البأس، وثبات في موضع الشدة، لا تتزلزل له قدم، ولا يتزعزع له ركن، ومهما مر به من حال فلا يزال متماسكا متجلدا كما قال الشاعر: وصاحب الإرادة القوية لا يتوقف في الطريق ولا يَثني عزمَه شيء ولا يقف عند حد دون الوصول لأهدافه وطموحاتِه بل يبذل طاقتَه وإمكاناتِه في سبيل تحقيق ذلك مستعينا بالله قبل كل شيء. ومن العلامات الدالة على قوة المؤمن الحميّة في الدفاع عن الدّين ضد من يتعرض له، فالمؤمن القويّ يغضب لدينه إذا ما رأى حرمات الله يعتدى عليها وتنتهك، بينما هو لا ينتصر لنفسه بل يعفو ويصفح، أسوته في ذلك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الذي كان لا ينتقم لنفسه، وإذا انتهكت محارم الله لم يقم لغضبه شيء حتى ينتقم لله؛ فيعفوَ عن حقه ويستوفيَ حق ربه. ومن العلامات الدالة على قوة المؤمن ضبط النفس وكبح جماحها وخاصة عند انفعالها وخروجها عن طبيعتها وتعرضها للمواقف العصيبة، يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (ليس الشديد بالصُّرَعة؛ إنما الشديد الذي يَملك نفسه عند الغضب)، يعني: ليس القوي الذي يصرع الناس إذا صارعهم، لكن الشديد حقيقة الذي يصرع غضبه أي: إذا غضب، غلَب غضبه؛ ولهذا قال: (وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)هذا هو الشديد الذي يظهر حاله ويتميز عندما يغضب ، فإن كان قويًّا ملك نفسه، وإن كان ضعيفًا غلبه الغضب، وحينئذ ربما يتكلم بكلام أو يفعل فعلاً يندم عليه. ومن الآداب العظيمة التي يراعيها المرءُ أثناء الصيام تركُ المراء والسباب والغضب والمشاتمة، فالمشروع للمسلم إذا صام أن يكون حليما مالكا لنفسه مسيطرا على مشاعره متحفظا من لسانه لا يستثار ولا يغضب لأتفه سبب ولا يخرج عن طوره في المضايقات والخصومات والمشاحّةِ على منافع الدنيا ومصالحها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم) متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. واضاف فضيلته لابد للعبد من أن يجاهد هواه ونفسه الأمارة بالسوء، لينال الهداية من الله، قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) وعن فَضَالَة بْن عُبَيْد قَال: قال رسول الله صلى الله عَليه وَسلم: (المجاهد من جاهد نفسه فِي طاعة الله، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب) رواه أحمد وابن حبان وغيرهما. و قال ابن القيم رحمه الله " ولما كان جهاد أعداء الله في الخارج فرعا على جهاد العبد نفسَه في ذات الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه) كان جهاد النفس مقدما على جهاد العدو في الخارج وأصلا له؛ فإنه ما لم يجاهد نفسه أولا لتفعل ما أمرت به وتترك ما نهيت عنه ويحاربْها في الله لم يمكنه جهادُ عدوه في الخارج، فكيف يمكنه جهادُ عدوه والانتصافُ منه وعدوه الذي بين جنبيه قاهر له متسلط عليه لم يجاهده ولم يحاربه في الله، فعلينا واكد الشيخ الغزاوي اننا نجاهد أنفسنا في ذات الله مجاهدة عظيمة خاصة في هذه الأيام المباركات ولا ندع الفرصة تفوت علينا بل نشمر عن ساعد الجد ونجعل نصب أعيننا دافعا لذلك قولَ الله تعالى ( فاستبقوا الخيرات ) قال البقاعي رحمه الله : "أي كونوا في المبادرة إلى أفعال الخير كمن يسابق خصما فهو يجتهد في سبقه". كما أننا نحتاج في سبيل تحقيق مجاهدة أنفسنا إلى صبر . Your browser does not support the video tag.