فُجعنا في مجلس الشورى بالموت يغيب نائب رئيس المجلس معالي الدكتور محمد الجفري - رحمه الله -، في لحظه مباغتة وفاجعة، أذهلتنا جميعاً، فقد كان في غاية نشاطه وأوج حيويته وعطائه، ولكن ذلك قدر الله الذي لايرد ومشيئته التي لا مفرّ منها ولا مناص، حيث وافاه أجله، وانحسمت حياته في تلك اللحظة التي توقف فيها قلبه عن الخفقان.. ومع إيماننا بأن تلك سنة الله في خلقه، وأن الموت مصير كل حي، إلا أن وقع خبر وفاته كان مؤلماً وموجعاً، وفاجعاً لكل من عرف الرجل، وعاش، وتعايش معه، فقد كان رحمه الله عف الضمير واليد، نزيها، نقياً، تقياً صافي القلب، لا يعرف الحقد، أو الكراهية، أو الغشش بل كان يأسرك بلطفه، ودماثة خلقه، وكان يتعامل مع زملائه أعضاء المجلس بمحبة وود. كان إنساناً بسيطاً ولكنه كان مع ذلك رفيعاً راقياً، ونبيلاً، يدخل إلى القلب دونما كلفة، وتحبه وتجلّه بتلقائية كتلقائيته وسماحته.. سافرنا سوية، وجمعتنا أعمال مشتركة، فكان نعم الصاحب في السفر. ونعم الصديق في العمل، وكان رحمه الله يأنس بالأدب والشعر ويقدر الثقافة ويجل المثقفين ويستشعر كيفية التعامل معهم.. وكان في غياب رئيس المجلس يدير العمل بكفاءة، وتميز ومهارة وتمكن يصغي جيداً، ويناقش بوعي، ويرد إذا لزم الرد بفطنة وإيجاز..، وهذا ما أضفى عليه الكثير من الاحترام، والتوقير والتقدير.. كل هذه المزايا، وجميع هذه الصفات، والخصائل الحميدة هي التي أضفت عليه هذا السمت، والوقار. وأكسبته هذه المحبة من الجميع.. وهذا في النهاية هو الرصيد التاريخي الذي سيبقى لكل مسؤول، بعد أن يغادر عمله أو يرحل، فالسمعة الحسنة ومحبة الناس هي الرصيد الحقيقي والثروة العظمى التي لا ينالها إلا ذو حظ عظيم، ممن كتب الله له التوفيق في القيادة والرشد في الريادة، وأشهد أن الرجل وقد لاقى وجه ربه. من الذين حسنت أخلاقهم، وحمدت سيرتهم وتركوا في الأنفس تلك الذكرى الجميلة، والصورة الرائعة للإنسان الراقي النبيل.. فرحم الله الدكتور محمد الجفري رحمة واسعة، وأوفاه الله أجره أعظم الوفاء: «كل نفس ذائقة الموت، وإنما توفون أُجوركم يوم القيامة».. وعزائي لأبنائه، وأسرته وإلى مجلس الشورى رئيىساً وأعضاء وعاملين، والحمدلله على ما قضى، وكتب.. Your browser does not support the video tag.