استوقفتني قبل فترة عبارة جميلة قرأتها في إحدى وسائل التواصل الاجتماعي.. تقول: (إن مالك الذي تحمله في جيبك أو في رصيدك في البنك ليس لك، بل هو للبائع، ولصاحب السوبرماركت ولشركة السفريات والفنادق.. الخ، أما المال الذي تملكه حقاً فهو ما تقدمه لله، في بطن جائع وكسوة محتاج فذاك ما سينتظرك عند رب العالمين. ولله الحمد، الناس في مجتمعنا مجبولون على حب الخير خصوصاً مع قرب دخول شهر الخير رمضان المبارك. إلا إن ما يفسد لذة العطاء هو أن يكون لغير مستحقيه.. فكما نحرص على تحري المصداقية في مستحقي الزكاة.. حري بنا أن نتحرى الصدق عند منح الصدقات فلا يكفي أن نقول: «أنا أعطيت المبلغ لفلان وفي ذمته يوصله للمحتاجين» ولا أعني هنا التشكيك بفلان، ولكن قد يقع فلان هذا نفسه في فخ الصدقة العشوائية بسبب التعاطف مع شخص لا يستحق الصدقة، ولا يخفى عليكم أنواع الحيل التي يلجأ إليها بعضهم لاستدرار عطف الخيرين وأقلها استغلال الأطفال والرضع في التسول. وبحكم عملي في المجال الخيري، سأذكر لكم على سبيل المثال لا الحصر عينات مما وقفت عليه من بعض الحالات: هناك سيدة اعتادت طرق أبواب أهل الخير لتحصل على ما تجود به أنفسهم، إلى أن جاء متبرع كان يرغب كغيره بمساعدتها ولكنه كان فطناً فاختار أن تكون مساعدته لها طريق الجمعية الخيرية وعند التحقق من قاعدة البيانات كانت الصدمة حيث اتضح أن المذكورة تمتلك من الأراضي ما لا يمتلكه أغلب من تبرعوا لها سابقاً، وهناك من يتسول إيجار المنزل من هذا وذاك حاملاً عقد إيجار مختوم من مكتب عقاري ثم يتضح بعد البحث عن طريق الجمعية أن هذا الإيجار تم دفعه عدة مرات من قبل عدد من فاعلي الخير وأن المكتب العقاري شريك في عملية الاحتيال، ومتفق مع الأسرة على اقتسام هذه المبالغ المتدفقة باسم الصدقة، وهذا فيض من غيض من أساليب الخداع التي لا يتسع المجال لذكرها، وعليه أؤكد على فاعل الخير أن يقنن تبرعه ويجعله عن طريق جمعيات خيرية مرخصة من الدولة حيث المصداقية والشفافية، فيحق للمتبرع معرفة من آل له مبلغ التبرع وفيما تم صرفه، بل ويحق له أيضاً أن يكون تبرعه مشروطاً لأسرة معينة هو يعرفها ويرغب بمساعدتها، ويكون دور الجمعية في هذه الحالة تفعيل أدوات البحث الاجتماعي لديها لدراسة الحالة والتأكد من استحقاقها. وبذلك تفتح الآفاق لهذه الأسرة وتنتشلها من ثالوث التخلف (الجهل والفقر والمرض) وتساهم في تدريب أفرادها كيف يصطادون سمكتهم بأنفسهم، حيث تقوم الجمعية حسب اختصاصها باحتواء الأسرة بكافة أفرادها ودعمهم نفسياً واجتماعياً عن طريق دورات تطوير الذات وغرس القيم الدينية والأخلاقية. وأنا هنا لا أتهم كل محتاج بالاحتيال فمنهم الصادقون المتعففون الذين لا يسألون الناس إلحافاً.. هؤلاء أيضاً الأفضل مساعدتهم عبر القنوات الرسمية وأعني بذلك الجمعيات الخيرية المرخصة كل فيما يخصه، وهذا لن يكلفك سوى البحث عبر مواقع الإنترنت في جوالك لتجد الجمعية المسؤولة حسب احتياج الفقير.. فعلى سبيل المثال هناك جمعيات تختص بذوي الإعاقة، وأخرى للأرامل والمطلقات والأيتام.. وغيرها للتنمية والإسكان. * عضو مجلس إدارة جمعية بنيان الخيرية Your browser does not support the video tag.