ما زال غضب الشعب الإيراني المنهك مستمراً مع انقطاع أملهم بأي تحسن في المستقبل في ظل نظام ولاية الفقيه، رغم مليارات الدولارات التي حصدها الملالي من الاتفاق النووي إلا أنه سرعان ما عاد الوضع للتدهور ما ينذر ببداية النهاية للنظام الإيراني. وانخفضت العملة الإيرانية إلى مستوى قياسي وسط ترقب سياسي واقتصادي لحال طهران، مما دفع الإيرانيين للتجمهر أمام محال الصرافة لاستبدال كل ما يملكونه من عملة إيرانية بالدولار. ويعتبر الفساد والتناحر السياسي والخوف من فرض المزيد من العقوبات على إيران أسباب أساسية لتدهور حال العملة، بينما لا تزال البنوك الدولية مترددة من الدخول إلى السوق الإيراني خوفاً من موجة عقوبات أميركية قاسية تلوح في الأفق. وأكد الباحث الإيراني هنري روما أن المشكلة الأساسية التي تواجه العملة الإيرانية هي أن معظم التعاملات بها تتم في السوق السوداء بسبب العقوبات. وقال: إن دخول العملات الأجنبية على إيران يعتبر أمراً نادراً ومحظوراً، ويقدر النقد الأجنبي الموجود في إيران بأقل من 5 %. وكانت طهران أعلنت مؤخراً أنها حددت سعر الصرف الرسمي للتومان الإيراني ب42 ألف تومان للدولار الواحد وهددت أصحاب محال الصرافة بعقوبات قاسية بما في ذلك السجن لمن يحاول الصرف بأسعار مختلفة، بينما حددت المصارف الدولية سعر العملة الإيرانية ب60 ألف تومان مقابل الدولار. وأغلقت القوات الإيرانية عدداً من محال الصرافة قسراً للحد من عملية التخلص من العملة الإيرانية التي خسرت ثلث قيمتها هذا العام، بعد أن كان سعرها 36 ألف مقابل الدولار في بداية عهد حسن روحاني، حيث تنخفض العملة الإيرانية بشكل مستمر ومتسارع منذ وصول الملالي إلى السلطة بعد أن كان ثمن الدولار آنذاك 70 ريالاً إيرانياً فقط. وما يدفع الإيرانيين للإحباط وعدم التعويل على النظام الحالي هو أن رئيسهم اليوم (روحاني)، الأكثر اعتدالاً ووسطيةً في كل المنظومة الحاكمة، حيث كانت بدايات حكمه واعدة بالانفتاح، وجذب الاستثمارات الأجنبية، ومد شريان الحياة للاقتصاد الإيراني المتعثر عبر رفع العقوبات. إلا أن عصر روحاني اصطدم بعد أن عجز عن تغيير أي شيء في توجهات النظام الذي زاد من عنفه ودعمه للإرهاب، بإدارة أميركية عازمة على قطع أي روابط بين طهران والعالم الخارجي، إذ لا يرغب دونالد ترمب وفريقه بعقوبات منفردة الجانب هذه المرة، بل يسعى البيت الأبيض لحشد تأييد العالم الغربي، لضرب الاتفاق النووي الإيراني، الضربة التي ستكون قاضية للاقتصاد الإيراني، والتي من المتوقع أن تلقي بظلالها على العملة وميزانية الدولة بشكل مباشر. كان أول من بدأ موجة الاحتجاجات الأخيرة ضد النظام الإيراني، المتشددين، الأقرب إلى خط الرئيس السابق أحمدي نجاد. تعتقد هذه الفئة بوجود مؤامرة كبرى ضد إيران، حيث يرغب العالم بتهديم الاقتصاد الإيراني وعزل إيران، فلا يرى هؤلاء أي تحسن طرئ على اقتصاد البلاد في عهد روحاني، مقترحين عودة المتشددين إلى السلطة، كحل للأزمات. ويستخدم المتشددون تدهور الأوضاع الاقتصادية والعلاقات مع الدول الغربية كدليل على فشل حكم روحاني، وعدم وجود نية غربية لمد يد العون لإيران. ويتوقع الأستاذ في جامعة كولومبيا وخبير العقوبات الإيرانية ريتشارد نيفيو، أن يكون استلام المتشددين لزمام الأمور في إيران كارثي، حيث يرغب هؤلاء بغلق الاقتصاد الإيراني ووضعه في يد الملالي والحرس الثوري الإيراني، الذين يسعون للحصول على الأموال من طرق غير شرعية، وهذا إن أخر الانهيار، فإنه يجعله أكثر مأساوية. Your browser does not support the video tag.