قامت مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) خلال الأسبوع الماضي بسحب فائض السيولة في النظام المصرفي بعد أن تراجعت أسعار الفائدة بين البنوك (SAIBOR) إلى مستويات أقل من أسعار الفائدة على الدولار بين البنوك (LIBOR) وكذلك إصدار صكوك دين محلية بحوالي 5 مليارات ريال ونجحت إلى حد ما في رفع سعر السايبور إلى مستوى أعلى بقليل من سعر الليبور حيث وصل السعر لأجل 3 أشهر إلى 2.38 % مقابل 2.36 % على الدولار ولكن هذا المستوى غير كافٍ للمحافظة على سعر صرف الريال. ساما معنية بدعم السياسة النقدية في السعودية والمحافظة على الاستقرار النقدي ومن أهم عوامل استقرار النقد في الأسواق المحلية هو استقرار سعر الصرف وكفاية معدل السيولة، في شهر سبتمبر 2016 عندما شحت السيولة في النظام المصرفي عندها قامت ساما بتعزيز مستوى السيولة وذلك بإجراءات في غاية الأهمية حيث قامت بتمديد فترات الاستحقاق لاتفاقيات إعادة الشراء (الريبو) من أجل يوم واحد لآجال سبعة أيام و28 يوماً و90 يوماً وضخ ما يربو على عشرين مليار ريال سعودي كودائع زمنية لدى القطاع المصرفي نيابةً عن جهات حكومية، وساهمت تلك الإجراءات في زيادة السيولة في النظام المصرفي والذي بدوره انعكس على أسعار الفائدة بين البنوك السعودية التي انخفضت إلى معدلات مقبولة ساهمت في نمو الاقتصاد وتراجعت معه كُلفة الإقراض وأيضاً تمت المحافظة على أسعار صرف الريال واستمر هذا الاجراء حتى بداية شهر مارس الماضي حينما قررت ساما إيقاف العمل باتفاقيات إعادة الشراء (الريبو) لآجال سبعة أيام و28 يوماً و90 يوماً، بعدما نزلت أسعار فائدة سوق النقد القصيرة الأجل في السعودية إلى ما دون الأسعار الأميركية للمرة الأولى في تسع سنوات ثم أعقبته بقرار استباقي للمرة الأولى قبل قرار الفيدرالي الأميركي في منتصف شهر مارس برفع اتفاقيات إعادة الشراء "الريبو" واتفاقيات إعادة الشراء المعاكس "الريبو العكسي" 25 نقطة أساس، وذلك لرفع سعر السايبور أعلى من سعر الليبور حيث إن انخفاض سعر السايبور عن سعر الليبور يتسبب في خروج السيولة من النظام المصرفي المحلي ويتجه إلى الدولار لأن العائد سيكون أعلى وبالتالي سوف يتأثر سلباً سعر صرف الريال والذي يؤثر بدوره في ارتفاع مستويات التضخم عندما ترتفع تكلفة الواردات، بعد هذا الإجراء من ساما برفع سعر الريبو والريبو العكسي قام الفيدرالي الأمريكي برفع سعر الفائدة على الدولار 25 نقطة أساس بعدها بأيام وبالتالي ارتفع تبعاً لذلك معدل سعر الليبور مرة أخرى أعلى من معدلات سعر السايبور. بالرغم من سحب السيولة الفائضة من النظام المصرفي إلا أن الفترة القادمة من المتوقع أن تقوم الدولة بضخ سيولة على المشروعات الجديدة مع تباطؤ واضح في نمو محافظ الإقراض لدى المصارف وإمكانية استعاضة الشركات عن التمويل البنكي بإصدار أدوات دين في السوق السعودي وهذا قد يرفع مستويات السيولة مرة أخرى وتنخفض على إثره أسعار السايبور وقد تضطر ساما إلى اتخاذ قرار جديد برفع أسعار الفائدة على الريال من أجل رفع مستوى السايبور اذا انخفض بسبب زيادة السيولة في النظام المصرفي وهذا الاجراء تحاول ساما الابتعاد عنه بقدر الإمكان نظراً لأنه قد يكون له آثار سلبية على نمو القطاع الخاص الذي يعتمد بشكل أساسي على التمويل البنكي حيث سيكون مكلفاً ويخفض من معدلات الربحية للشركات والقطاع الصناعي كذلك تؤثر معدلات الفائدة طويلة الأجل في معدلات تمويل شراء العقارات التي تسعى الدولة ممثلة في وزارة الإسكان إلى سد الفجوة الكبيرة بين العرض والطلب على المساكن وتحقيق تطلعات الحكومة بتسهيل تملك المواطنين للمساكن، ومع ذلك لازالت أسعار الفائدة تشكل هاجساً في ظل عزم الفيدرالي الأميركي على رفع الفائدة على الدولار مرتين حتى نهاية العام الحالي وثلاث مرات العام 2019 والتي قد تشكل ضغطاً كبيراً على الاقتصاد المحلي الذي يسير في اتجاه معاكس للاقتصاد الأميركي حيث إن الدولة تسعى إلى تحفيز النمو للاقتصاد في ظل تراجع أسعار النفط في حين أن الإدارة الأميركية تسعى إلى كبح النمو من خلال تشديد السياسات النقدية، ولذلك من المهم جداً للمقترضين وخصوصاً المستفيدين من برامج التمويل العقاري أن يحصلوا على تمويل بفائدة ثابتة وليست فائدة متغيره لأن المؤشرات تشير إلى استمرار رفع الفائدة خلال السنوات القادمة والتي قد ترفع تكلفة الفائدة المتغيرة وبالتالي رفع قيمة التمويل. * محلل مالي حسين بن حمد الرقيب Your browser does not support the video tag.