الأسبوع الأخير من كل عام دراسي يشهد العديد من التجاذبات بين المدارس والجهات المسؤولة من جهة، وبين الطلاب والأسر من جهة أخرى، ففي الوقت الذي تؤكد فيه المدرسة على ضرورة التزام الطلاب بالحضور من أول دقيقة لبداية العام وحتى آخر دقيقة من نهايته، نجد في المقابل ضعفاً واضحاً في التزام الطلاب بذلك وتهاوناً غير مبرر من الأسر في هذا الشأن، ورغم تجذر المشكلة وقدمها إلا أنها قد حجمت في السنوات الأخيرة وتقلص الفاقد من أسبوع تقريباً قبل الإجازات وبعدها إلى يومين أو ثلاثة في الأسبوع الأخير من العام الدراسي بعد نجاح المدارس في تسجيل عودة جادة لبداية العام الدراسي ونهاية جادة لممارسات التعليم والتعلم في ختام العام الدراسي، ومع ذلك يظل الفاقد المتبقي هاجساً مؤرقاً لكل المسؤولين والمهتمين بالشأن التعليمي حتى نصل إلى جدية الدقيقة الأخيرة من آخر يوم في العام الدراسي، بقناعة وحرص من كل الطلاب والمعلمين وأولياء الأمور. وقد يسأل سائل: هل هذه الظاهرة موجودة في الدول المتقدمة؟ وإذا وجدت، ما الإجراءات التي يتم اتخاذها؟ وما سر اهتمام وزارة التعليم بهذه القضية؟. هذه الظاهرة لا وجود لها في الدول المتقدمة، وإن وجدت فهي حالات فردية تواجه بصرامة كبيرة من قبل المدرسة تصل إلى دفع الغرامات والمحاكمات أحياناً لولي الأمر، وتدخل من الهيئات الحقوقية، بل وصل الأمر أن شرط الجوازات بهذه الدول عندما يلاحظون سفر الآباء مصطحبين أبناءهم الذين يفترض وجودهم على مقاعد الدراسة قبل الإجازة الصيفية، فإنهم يبلغون الجهات التعليمية المسؤولة، الأمر الذي يعني فرض غرامة مالية، وربما يتم استدعاؤهم للمحاكمة بسبب تفريطهم في الالتزام بتعليم أبنائهم في الزمن المجدول من قبل الدولة لذلك. أما عن اهتمام وزارة التعليم وإدارات التعليم في السنوات الأخيرة بضرورة الالتزام بالانضباط المدرسي وعدم التهاون في غياب الطلاب قبل الإجازات الرسمية وبعدها فهذا من منطلق تربوي قيمي، فالمدرسة مسؤولة عن إكساب الطلاب القيم الأخلاقية والمهنية، ومنها الجدية والالتزام واحترام الوقت، وإخلال الطلاب بالحضور لكامل الأيام المخصصة للدراسة يعني فشل الطلاب في التطبيق العملي لقيم الالتزام واحترام الوقت، وهذا سيكون له انعكاسات مستقبلية خطيرة لمن تعود على التهاون بهذه القيم، علي أمانة وجودة الأداء والإنتاجية، وبلادنا وقيادتنا لديها طموحات تعانق عنان السماء؛ لتكون بلادنا في الصف الأول مع الدول المتقدمة في كل المجالات، وهذا الأمر يتطلب إعداد جيل جاد مخلص يعمل بهمة وطاقة عالية يقدر الوقت ويحرص على الإنتاجية، ولذلك يجب أن تتضافر كل الجهود التعليمية والأسرية والإعلامية للتصدي لأي ظاهرة يمكن أن تحدث ثلماً في تحقيق طموح بلادنا وقيادتنا، وحتى لو اقتضى الأمر سن بعض الأنظمة الرادعة التى تكفل عدم الإخلال بقيم الجدية والالتزام واحترام الوقت في إعداد جيل المستقبل. Your browser does not support the video tag.