أكد وزير المالية الأستاذ محمد بن عبدالله الجدعان أن المملكة تتمتع بثقل اقتصادي كبير على المستوى الإقليمي والصعيد الدولي ، ولديها فرص استثمارية ضخمة وواعدة ،وهي محط الأنظار والمتابعة من قبل كبرى الشركات والمستثمرين والمؤسسات المالية . وقال في كملته التي ألقاها اليوم في افتتاح أعمال مؤتمر "يوروموني السعودية 2018"، الذي تنظمه مؤسسة يوروموني العالمية بالشراكة مع وزارة المالية " إن العالم يشهد تقدماً واعداً ، لوجود توقعات إيجابية لمعدلات النمو في الدول المتقدمة والأسواق الناشئة، مما يعزز التفاؤل بنمو اقتصادي أفضل في المملكة، رغم وجود بعض المخاطر حول بعض الأسواق العالمية، فضلاً عن التغيرات الكبيرة والمتسارعة في سوق النفط " ، مشيرا إلى أن الاقتصاد السعودي ليس بمعزل عن الاقتصاد العالمي . ولفت وزير المالية النظر إلى إشادة صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير حول مشاورات المادة الرابعة للمملكة بحجم الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية ، التي تقوم بها المملكة العربية السعودية ، وثناؤه أيضاً على التقدم المحرز في تحسين بيئة الأعمال، إلى جانب الإجراءات المتخذة لتعزيز الشفافية والمساءلة الحكومية والتخطيط المالي الأمثل على المدى المتوسط. وحول التقدم الإيجابي الذي تحرزه حكومة المملكة في برامج الإصلاح الاقتصادي والهيكلي بما فيها التدابير المالية أفاد أن إعلان الميزانية العامة للدولة للعام الجاري، التي بُنيت ضمن إطار متوسط المدى وفق أفضل الممارسات الدولية ، تؤكد فاعلية تلك الإصلاحات، خاصة أنها تُعتبر أكبر ميزانية توسعية مخططة في تاريخ المملكة، حيث بلغ إجمالي الإنفاق الحكومي المخطط 978 مليار ريال سعودي، إضافةً إلى الإنفاق عن طريق صناديق التنمية الصناعية والعقارية، وكذلك من خلال صندوق الاستثمارات العامة، الذي خصص له لهذا العام 133 مليار ريال سعودي، وتركز على القطاعات الاستثمارية الاستراتيجية مثل : قطاعات الإسكان، والمواصلات، والبنى التحتية، والخدمات الأساسية . ونوه الأستاذ محمد الجدعان بدور القطاع الخاص في هذا التقدم ، مؤكداً أنه يحظى باهتمام كبير من خلال رؤية 2030، التي تستهدف أن يكون المحرك الأساس للنمو والتقدم الاقتصادي ، من خلال ما وفرته الحكومة الرشيدة من حزم تحفيزية، والاستمرار في دفع المستحقات دون تأخير، إلى جانب تحقيق مزيد من التسهيلات في الإجراءات الحكومية، وتوفير مزيد من الفرص الاستثمارية. وقال " إن نتائج التقرير الربعي الأول لهذا العام، التي ستعلن قريباً تؤكد أن حكومة المملكة سائرة بعزم وثبات نحو تحقيق مستهدفات المالية العامة والاقتصاد الكلي لهذا العام وعلى المدى المتوسط، وأن مؤشراته تعكس تقدماً مهماً في مسيرة الإصلاح الاقتصادي نحو تحقيق أهداف برنامج تحقيق التوازن المالي متوسطة المدى حتى العام 2023م، خاصةً في ظل تحقيق معدل ملحوظ في نمو الإيرادات غير النفطية، والاستمرار في وتيرة رفع كفاءة الإنفاق، مما يعطي تفاؤلاً بتحقيق هدف تعزيز الاستدامة المالية " . وأكد وزير المالية أن المملكة وبمنطق الأرقام استطاعت خلال عامين بين 2015م و 2017م تخفيض العجز بنسبة (40 % ) لتصل إلى (9%) من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية العام 2017م وسيقل - بمشيئة الله تعالى - إلى ( 7 % ) تقريباً بنهاية العام الجاري 2018م، مستشهداً بتقرير وكالة (موديز) للتصنيف الائتماني الأخير، الذي برهن على الثقة في برامج الإصلاح في المملكة العربية السعودية، وأن لديها القدرة على تحقيق النتائج المتوقعة. واستعراض في كلمته عدداً من إنجازات حكومة المملكة التي تثبت فعاليتها وكفاءتها ، مشيرا إلى أن وزارة المالية نجحت من خلال مكتب إدارة الدين العام في إعادة تمويل القرض المجمع بالحجم والإقبال الاستثنائي من المؤسسات المالية ، وكذلك إصدار سندات دولية بقيمة 11 مليار دولار في فترة قياسية، حيث بلغ إجمالي الطلبات أكثر من 52 مليار دولار، كما نجحت في إدراج وتداول أدوات الدين الصادرة عن حكومة المملكة بعدد 45 إصداراً بقيمة 204 مليارات ريال سعودي في السوق المالية السعودية (تداول)، مما يسهم في تعميق سوق الصكوك والسندات، الذي بدوره سيساعد في زيادة السيولة في السوق الثانوية. وبشأن كفاءة الإنفاق ؛ أبان أن الحكومة حققت عن طريق مكتب ترشيد الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي وفورات تقدر بحوالي 12 مليار ريال سعودي للربع الأول لهذا العام ليصل إجمالي الموفورات التراكمية إلى 68 مليار ريال سعودي، مع الاستمرار بعمل برنامج ( حساب المواطن ) للأسر المستحقة لمعالجة الآثار السلبية التي قد تنتج من الإصلاحات المالية ، حيث تم تخصيص 32 مليار ريال في ميزانية هذا العام لهذا الغرض، إلى جانب الصرف للقطاع الخاص من حزم التحفيز التي سبق الإعلان عنها، التي تصل إلى 200 مليار ريال حتى العام 2020، إضافةً إلى تدشين منصة ( اعتماد ) الرقمية للتعاملات المالية بين وزارة المالية والوزارات والمصالح الحكومية والقطاع الخاص. وأوضح وزير المالية أن التناغم والقبول لمسيرة الإصلاح من قبل المواطنين يعززان التفاؤل بالمضي قدماً نحو التغيير، والسعي إلى تحسين جودة الحياة، مستشهداً بمشروع القدية الذي تفضله بوضع حجره الأساس خادم الحرمين الشريفين " حفظه الله " يوم السبت الماضي ، الذي يأتي ضمن المشاريع العملاقة التي يشرف عليها صندوق الاستثمار العامة، ومن شأنها دفع عجلة التنمية المستدامة. ولفت وزير المالية الانتباه إلى وجود بعض التحديات وقال " بالرغم من هذا التقدم المتسارع والملحوظ في الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية، الذي يؤكد جديّة الحكومة والتزامها بتحقيق مستهدفات الرؤية، فإن عملية التخطيط تستلزم التعرف على التحديات والمخاطر المحتملة لضمان عدم الانحراف عن المسار، ومن هذا المنطلق تقوم الوزارة بإعداد إطار شامل ومتكامل لإدارة المخاطر المالية والاقتصادية، ومواجهة تلك المخاطر بتطبيق السياسات المناسبة " ، مشيراً معاليه إلى أن أية عملية إصلاح قد تنطوي عليها خيارات صعبة، وهذا ليس بخاف على واضعي السياسات والبرامج ومنفذيها، الذين وضعوا الحلول لتجاوزها أو الحد من آثارها. وأشار وزير المالية في كلمته إلى ثلاث وقفات مهمة ، الأولى هي التأكيد على أن هذه الإنجازات ما كانت لتتم بعد توفيق الله إلا بدعم كبير من قيادة شابة أشعلت الطاقات والهمم في كل زوايا هذا الوطن ، مقدما الشكر بهذه المناسبة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز الذي أصبح ملهماً للجميع وقدوة في بذل الجهود لتحقيق النجاح . أما الوقفة الثانية فوجهها معاليه نحو شباب وفتيات هذا الوطن حيث أكد أنهم أثبتوا فعلياً وبشهادة الجميع أنهم قادرون على قيادة هذا التغيير، فيما كانت الوقفة الثالثة موجهه إلى حماة الوطن الذين يبذلون الغالي والنفيس في سبيل الله ثم حماية الوطن ، فهيئوا لهذا الوطن الأجواء المستقرة لتنفيذ كل تلك الإصلاحات بكل أمن وأمان. وفي ختام كلمته عبر معاليه عن تطلعه إلى أن يواصل مؤتمر يوروموني السعودية 2018م نجاحاته ويحقق أهدافه المنشودة، والإسهام في الطرح البناء للقضايا والمواضيع، التي تهم الأوساط الاقتصادية والمالية، واقتصاد المملكة بشكل خاص. يذكر أن جلسات المؤتمر التي تقام على مدار يومين تشمل عدة مواضيع وفعاليات، من أبرزها جلسة خاصة عن البنية التحتية للشراكة بين القطاعين العام والخاص، وحلقة نقاشية حول الاقتصادين السعودي والعالمي، التي من خلالها سيتم معرفة أبرز المستجدات حول رؤية المملكة 2030، وأسواق رأس المال للديون، وجلسة خاصة عن الشركات الصغيرة والمتوسطة من حيث آفاق هذه المشاريع في المملكة، وأسواق رأس المال والاستثمار الأجنبي في الأسهم السعودية، وعمليات الخصخصة والاكتتابات، والفرص الاستثمارية الجديدة، وموضوع العقارات وديناميكيات هذا السوق، إلى جانب قطاعي السياحة والترفيه. حضر المؤتمر الذي يستمر يومين ويقام في فندق الفيصلية بالرياض الأمين العام في الأمانة العامة لمجموعة العشرين الدكتور فهد بن عبد الله المبارك، ورئيس مجلس إدارة هيئة السوق المالية الأستاذ محمد بن عبدالله القويز، ومحافظ الهيئة العامة للزكاة والدخل الأستاذ سهيل أبا نمي، والمدير التنفيذي لشركة السوق المالية السعودية (تداول) المهندس خالد بن عبد الله الحصان، وجمع كبير من مسؤولين حكوميين وخبراء دوليين ، ومصرفيين، وعدد من مسؤولي القطاع المالي على المستوى المحلي، والصعيد الدولي. Your browser does not support the video tag.