لم أكن أعلم أن توجيهات والدي لي في حياته ستفتح لي الطريق إلى استعادة جزء من «حلاله» الذي تم بيعه في حياته، بل وأكثر من ذلك؛ معرفة أساطير «نُبلاء» لم يدُرْ في خُلدي العمل معهم في إحياء موروث الفروسية الأصيلة والمُضي معهم قدماً. القصة التي أذهلت من حولي ومن عرفها وتعايش معها، حين شددت الرحال إلى منطقة مكةالمكرمة للبحث عن حلال والدي مِن النوق والجِمال التي بعناها قبل عشرة أعوام، وتحديداً إبّان تعب والدي رحمه الله، وذلك كونه لم يعد قادراً على الاعتناء بها فآثرنا وإخواني بيعها للتخلّص من حملها الثقيل بدنيّاً على والدي.. رأيت ما رأيت وقرّرت استعادتها للحياة، بل استعادة قلبي للنبض من أجل الحياة، حينها قلت مقولتي فيها كمعشوقة يجرني لها الشوق والحنين ورحلت للبحث عنها كونها بقايا رائحة «والدي الراحل» رحمه الله. بعد ذلك التقيت بمن بعناه إياها وهو من ساعدني في لقاء من باعه إياها من بعده، والذي يليه ثم الرابع الذي ساعدني للوصول لمن اشتراها منه وفِي النهاية وصلت لما كان يرمي إليه والدي «رحمه الله» من توجيهات. كان «رحمه الله» في توجيهاته لي التي تولّتها العناية الإلهية، كان كمن يُمسك بيدي ليصل بي إلى «نبلاء» لم نكن نعرفهم، ولن نعرفهم لولا الحلال ولغة الرجال، بعيداً عن المال والمآل!. اليوم وقد استرجعت بعضاً من حلال والدي ورائحة «الصبوح» وبياض «الغبوق»، آخذاً معي شيئاً من هؤلاء النبلاء الذين اقتادني والدي توجيهات والدي لأصلهم، وفعلاً أخذت أهم تجارة في عُرف الرابحين وهي معرفتهم، وأصدق خُلُق في تاريخ العرب وهو ما يجمع أخلاق الفروسية من أهل الفروسية وعرابيها. هنا، التقطّت أنفاسي، واستعدت قوامي، وعادت لي الحياة تمشي، وجئتها مُهرولاً، وشرعت في تأسيس مربطاً للخيول اسميته أسطبل أبناء الشيخ عوض بن مروي إلى جانب استعادة بعض من حلال والدنا من الإبل التي عادت معها نبضات الحياة لي ولإاخواني وكأننا ورثنا هذا «الولع» بالحلال من والدنا الميّت الحيّ فينا ومعنا وبيننا.. وليس هذا فحسب، بل قادنا هذا الحلال الى معرفة الرجال من أهل الخيل. أخيراً، أحمد الله الذي شرفّنا بالعقيدة والإيمان، وأنعم علينا بالأمن في الأوطان، ووحّد بلادنا فجعلها قبلة للقاصي والدان، وأعزّنا بالإسلام ونور القرآن، وأكرمنا بملوك صالحين وأبناء ملوك عازمين وشعب نبيل عرفناهم «بقَدَرْ» حينها أيقنت بأنهم صدقوا ما عاهدوا الله عليه بإتقان.. قال تعالى في محكم التنزيل: بسم الله الرحمن الرحيم «ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير». Your browser does not support the video tag.