بعض الناس يجبرك على محاورته لما ترى من رجاحة عقله ودماثة خلقه ولو خالفك الرأي ، لكن بعضهم يجبرك على أن تنادي على رؤوس الأشهاد : يرحم والديكم ( امصعوا أذنه ) . هل تذكرون أن الجهات المعنية في مملكتنا الكريمة قد اكتشفت عددا من الدخلاء على التخصصات العلمية فشهَّرت بالجزار الذي امتهن الطب وشهرت بالحلاق الذي امتهن التعليم وشهرت بالسباك الذي امتهن الفتوى !! وكم لله من منة حين مكَّن من آذانهم فتم ( مصعها ) ورُحِّلوا عن ميادينها أذلة خاسئين ، كل ذلك حماية للتخصصات الشريفة من المتطفلين . ولا تظنوا أنني أحقر هذه المهن الشريفة إذا اشتغلت في تخصصاتها فنفعت وانتفعت فإن الجزار والحلاق والسباك أشرف من كل دخيل على غير فنه متطفل على غير تخصصه .. إنما التحقير حين يهين أربابها أنفسهم باقتحام تخصصات غيرهم عنوة مع سبق الإصرار والترصد . وحين يخرج علينا موظفٌ للعلاقات العامة - مختص في التجهيزات وتنسيق المواعيد – متقمصا شخصية الباحث الشرعي طالبا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ألا تعمل بالأحاديث الصحيحة حين تصادم – في أفقه الضيق - العلم والعقل والحمض النووي – فقد آن الأوان لتلك الجهات أن تفعل به وبأمثاله ما فعلت بأولئك الجريئين شبرا بشبر وذراع بذراع .. يا جهاتنا المحترمة : حرمة الشريعة أولى بالحماية ، وجناب التوحيد أولى بالرعاية !!! لماذا تعاقبون من امتهن الطب متطفلا عليه وتأذنون للمتطفلين على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ودينه وشريعته بالخوض فيها جهارا نهارا وإعلان ذلك على صفحات الجرائد بكل نزق وطيش وخفة دماغ ؟؟؟ !!! . يا جهاتنا المحترمة : اتق الله .. متى كان الطب محترما والدين كلأ مباحا يرتع فيه كل رويبضة لا يحسن التعامل مع الجمهور في المستشفى فضلا عن التعامل مع نصوص الشرع المطهر في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة . لست أرفض الحوار الهادف فهو روحنا التي نتنفس بها ، بل هو في ثقافتنا الإسلامية علما مستقلا له أصوله ومبادئه ، وتطبيقاته في التراث الإسلامي أشهر من أن تذكر وأكثر من أن تحصر ، غير أن في الجهة المقابلة للحوار شيئا آخر اسمه ( جريد النخل ) أو ( درة عمر ) وها هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يجمع بين الطرفين ويؤسس للموقفين فيحاور سلمان الفارسي رضي الله عنهم أجمعين في شجاعة أدبية قل أن يجود الزمان بمثلها ( ويمصع ) بجريد النخل قفا ( صبيغ بن عسل ) حين أراد اللعب بالنصوص وهو فيها من الجاهلين .. فيا منتهجي سلوك ( صبيغ ) ألم تسمعوا قول الأول في بيته العامي : بعض البشر طبعه مقدر ومحشوم ... وبعض البشر عيب عليك احترامه اللي ستر عيبه عن الناس بهدوم ... وش يستره لا صار عيبه كلامه ويا جهاتنا المعنية : حرام عليكم ... ( كلها مصعة أذن وكف على القفا ) ويُحترم دين الله .. ( وإن كان ما عليكم كلافة ) فضعوا لكل واحد من هؤلاء الجريئين صورة ملونة مقاس ( 4 في 6 ) وصدروا بها الصفحة الأولى من الجريدة للتشهير بخفيفي الأدمغة ، وضعوا تحتها عبارة : \" هذا هو الصبوح ، وأما الغبوق فجريد صبيغ بن عسل \" . تكفون يا جهاتنا المعنية المحترمة .. لو سألتم مجتمعنا المسلم المحب لدينه ووطنه عن ( صبوح هؤلاء بالتجريد وغبوقهم بالجريد ) لقال لكم بالحرف الواحد : ذلك ما كنا نبغِ .. فهل أنتم فاعلون ؟؟؟. د . خليل بن عبدالله الحدري مكة المكرمة