كشفت الفترة الزمنية منذ بداية تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 % في المملكة عن التأثيرات الناتجة على توجهات المستهلكين، وأنماط استهلاكهم، إذ أظهر استطلاع أجرته «الرياض» أن 65 % من المستطلعة أراؤهم أن ضريبة القيمة المضافة غيرت من طبيعة استهلاكهم وتوجهاتهم الشرائية، حيث أصبحوا أكثر دقة في اختيار السلع، إضافة إلى ترتيب الأولويات تجنباً لدفع قيمة أكبر من نسبة الضريبة المضافة.. في حين كشف الاستطلاع الذي شارك فيه 6,023 شخصاً، أن 24 % لم تؤثر الضريبة على طبيعة استهلاكهم فيما أشار 11 % إلى أنهم غير متأكدين من أثر القيمة المضافة رغم مرور أربعة أشهر على تطبيقها. الاقتصادي والمخطط المالي الشخصي وائل مرزا علق على نتيجة الاستطلاع بقوله: من الطبيعي أن تتقلص القوة الشرائية للمستهلكين نظراً لوجود ضرائب غير مباشرة كضريبة القيمة المضافة، مضيفاً أن من أهم أهداف الضريبة أن يكون لها انعكاس إيجابي على نمط حياة المستهلكين، والقوة الشرائية لديهم، وأعتبر أن 65 % نسبة مفاجئة تعكس التحسن الكبير بالوعي الاستهلاكي. مشيراً في الوقت ذاته إلى أن ذوي الدخل المحدود هم الأكثر تأثراً بضريبة القيمة المضافة، في حين تقل انعكاساتها على أصحاب الدخل المرتفع، فيما استبعد أن يشمل هذا الترشيد السلع أو الخدمات الأساسية التي تشملها ضريبة القيمة المضافة أياً كان دخل المواطن، وأكد على أنه يفترض من المستهلكين أن يكونوا على اطلاع دائم على السلع والخدمات التي عليها ضريبة مضافة 5 % لضمان الإدارة المالية الصحيحة لمصروفاتهم الشخصية في الشهور القادمة. من جانبه أوضح الاقتصادي أحمد الشهري أن الضرائب تؤدي دوراً مالياً ودوراً اقتصادياً، لاسيما أن السلوك الاستهلاكي المفرط يعتبر سمة من سمات الاقتصاديات الخليجية، مشيراً إلى أن أول المنافع التي حققها المجتمع من فرض الضرائب تلك التي تلامس الصحة مثل الدخان والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة المضرة بالصحة. وقال إن الضرائب ضمن الأدوات التي تستخدم في السيطرة على التضخم وتوزيع المواد والمشروعات في الاقتصاد لاسيما عند زيادة الضرائب على السلع والخدمات غير المرغوبة وتخفيض أو إعفاء بعض السلع بغرض التحفيز على الاستثمار. وأضاف أن المستهلك يميل إلى تخفيض الشراء عند ارتفاع الضرائب وبطبيعة الحال فإن الشركات إما تخفض السعر من خلال التنازل من ربحها أو تقلص الحجم أو تحافظ على سعرها إذا كانت التكاليف قريبة من الأرباح. مؤكداً على أن الوعي العام لدى المستهلكين تطور بشكل ملحوظ في إدارة الدخل الشهري بما يتوافق مع الأسعار ولا يمكن تجاهل أن هنالك شريحة قد تتأثر بمثل هذه السياسات الضريبية إلا أن صانع القرار الاقتصادي استخدم أسلوب الدعم الموجهة والذي أعتقد أنه نجح في ذلك ولا أستبعد أن تواصل الدولة في رفع الدخل المواطن بالدعم الموجهة وتحرر الأسعار بشكل تدريجي مما سيكون له أثر إيجابي على الاسر السعودية وعلى الاقتصاد الوطني. وفي الشأن ذاته أوضح الكاتب والمحلل الاقتصادي عبدالرحمن أحمد الجبيري بأنه لايزال هناك المزيد من الوقت لرفع مستوى الوعي الاستهلاكي وتحديد الاولويات التي ستغير من نمط الاستهلاك والحد من الهدر الاستهلاكي وخاصة في التوجه الحالي نحو السلع الكمالية قبل السلع الضرورية مشيرا إلى انه لم تنشر بعد تقارير رسمية حديثة عن نمط الاستهلاك والمسح الاسري للإنفاق ومقارنته بسنوات سابقة والتي تعطي المحللين قراءة فعلية عن ذلك وقال لابد ان تقوم الجهات المعنية بمثل المؤشرات والمعلومات بشكل دوري معتبراً الاستفتاءات التي تتم عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي والإنترنت لا تعطي القراءة الفعلية لأي قضية كانت. وأردف قائلاً بأنه وبنظرة عامة للسلوك الاستهلاكي مقابل ضريبة القيمة المُضافة لم تحدث تغييرات جذرية في النمط الاستهلاكي حيث تشير التوقعات الاقتصادية إلى ان متوسط ما يُدفع من القيمة المُضافة للأسرة في الحدود الطبيعية فآليات السوق لاتزال تعمل وفق ميكنتها العادية وهي الكميات المطلوبة أو المعروضة وأسعارها وفقاً لاتجاهات منحنى الطلب والعرض والاسعار إلا ان المعضلة الاساسية تتشكل هنا في اتجاهات الإنفاق لبعض الأسر والمتمثل في الغالب بفقدان وضع خطط مالية شهرية حيث يتغلب الشراء المباشر كيفما اتفق على وضع خطة او ميزانية تحدد الاحتياجات الفعلية مشيراً إلى ان القيمة المُضافة ليست بذات الأثر الكبير على المستهلك ولم تؤثر على قِيمِه الاستهلاكية مستدلاً في ذلك بالمشهد السوقي المصاحب للقوى الشرائية حالياً واستمرار ضخ المزيد من السلع بمختلف أنواعها في مكونات السوق الأفقية ناهيك عن انخفاض موازٍ مقابل ذلك في الأسعار وبقاء مستويات التضخم ضمن معدلاتها الطبيعية وطرح تخفيضات جديدة وكثيرة ففي آلية السوق كلما زادت الكميات المعروضة انخفضت الأسعار. وائل مرزا أحمد الشهري عبدالرحمن الجبيري Your browser does not support the video tag.