طالب عدد من الخبراء في مجال الزراعة، ضرورة أن تتدخل الجهات المعنية لوقف تضاؤل الفرص أمام المزارعين، وذلك من أجل الحفاظ على ما تبقى من الأراضي الزراعية التي أصبحت مهددة بالانقراض، مرجعين الخلل إلى هجرة المزارعين لأراضيهم والاعتماد على أيدي أجنبية غير متعلمة، مؤكدين على ضرورة أن يتم وضع نظام يحفظ حقوق المزارع في سوق الجملة للخضار بشكل يعود عليه بالنفع ويعوضه خسارته الكبيرة التي يتكبدها في الزراعة، مع الأخذ بعين الاعتبار تكثيف الحملات التوعوية للفلاحيين فيما يتعلق بتغيير طرقهم القديمة في التعامل مع الزراعة باستخدام أساليب عصرية متطورة تعتمد على التقنية الحديثة التي ستكفل لهم تغيراً نوعياً في إنتاج المحاصيل الزراعية في المملكة. توطين الأيدي العاملة يرى الدكتور محمد الغامدي خبير المياه بجامعة الملك فيصل أن المزارعين لم يستطيعوا مواجهة التغيرات في النهج المستخدم في الزراعة حيث انحسر دعم المزارعين الذي يمتهنون الزراعة كمهنة لصالح المستثمرين. كنتيجة واجهوا منافسة غير عادلة من المستثمرين في مجال التسويق. ثم جاء نضوب المياه كنتيجة للاستنزاف الجائر لمشروعات الاستثمار الزراعي الجديد، فهجروا مزارعهم في كل أنحاء المملكة، وتخلوا عنها، وتركوها تواجه الموت عطشاً، وقد قاوم بعضهم التحديات لكنهم مازالوا يعانون نضوب المياه، الأمر الذي لم تعد الزراعة مهنة مجدية لاستمرارهم. سيتقلص العدد سنة بعد أخرى إلى درجة لن نجد من يمارس الزراعة كمهنة في ظل استمرار المؤشرات القائمة. حيث إن الجهات المعنية مازالت غير مهتمة بهذه الفئة مقارنة بما توليه من دعم للمستثمرين. وطالب الغامدي وزارة الزراعة بمساعدة المزارعين في تأمين المياه لمزارعهم بطرق حديثة تضمن استمرار نشاطهم الزراعي واستدامته وتنميته، عن طريق التنمية الزراعية الرأسية، حيث تسخير الإمكانات العلمية والتقنيات الحديثة، لزيادة الإنتاج مع ثبات الموارد. وأوضح الغامدي أن الأسرة الزراعية نظام كان قائماً قبل الطفرة، حيث تمتهن الزراعة كمهنة جيلاً بعد جيل. هذه الأسر صمام الأمان للمستقبل الغذائي في المملكة. على الوزارة المعنية أن تغير رؤيتها واستراتيجيتها وخططها وبرامجها لصالح الزراعة كمهنة، فهم الأبقى والأهم على المدى الطويل، وبهم تتحقق الاستدامة الزراعية المنشودة لتحقيق رؤية 2030، لاستثمار وصيانة وتنمية البيئة الزراعية، وتشغيل الأيدي العاملة السعودية في القطاع الزراعي. وبهذا وكنتيجة سيتم وقف استنزاف المياه الجوفية الجائر على زراعات الاستثمار التي تعمل على زيادة نضوب المياه سنة بعد أخرى. فالاستثمار في القطاع الزراعي نشاط يجب أن يتوقف فوراً من قبل رجال الأعمال والمستثمرين ومن الموظفين ومن المنفذين. مؤكداً على ضرورة أن تكون الزراعة مهنة في المملكة وليست استثماراً، فالمياه نادرة ومحدودة ويجب التعامل معها بحذر شديد لصالح الأجيال القادمة. كما أدعو لإيجاد مخرج لوقف كل أنواع الزراعة التي تعتمد على الأيدي العاملة الأجنبية. ووقف هدر الماء على مزارع الترفيه، وأيضاً وقف زراعات رجال الأعمال والمستثمرين والشركات الزراعية. وذلك لحماية الأسر السعودية الزراعية وتشجيعها على البقاء في ممارسة المهنة وأيضاً تشجيع الراغبين بالعودة إلى ممارسة الزراعة كمهنة. التحولات الاجتماعية يرى الدكتور إبراهيم الهلال أستاذ هندسة التحكم البيئي للمنشآت الزراعية بقسم الهندسة الزراعية كلية علوم الأغذية والزراعة بجامعة الملك سعود أن تراجع المساحات الزراعية في المملكة من مزارع وغيرها يعود إلى هجرة الناس من المناطق الزراعية، وهي القرى إلى المدن وتحويل الأراضي الزراعية إلى السكن، كما أن ارتفاع الأراضي الزراعية أدى إلى أن يجدها البعض فرصة لتحويلها إلى أراضٍ سكنية كذلك بعض التحولات الاجتماعية التي أصبحت موجودة ولها علاقة بنمط الحياة مع قلة المياه التي تصل للمناطق الزراعية والتي لا تفي باحتياجات الزراعة والفلاحيين، مشيراً إلى أن دور الجامعات في تضافر الجهود مع الجهات المعنية من أجل تقديم الحلول يتمثل في الجانب البحثي ودراسة مشكلات المياه وأساليب الترشيد فيوجد هناك الكثير من البحوث التي تم الاستفادة منها من قبل بعض الشركات المهتمة بالمحاصيل الزراعية فيما يتعلق بالتقنيات الحديثة المتعلقة بالزراعة ولكن لم تصل الاستفادة من هذه البحوث بشكل متقدم من قبل الجهات المعنية لأن الأبحاث تحتاج إلى زمن طويل وصبر من أجل إثباتها إلا أنه للأسف الشركات في قطاع الزراعة تريد حلولاً مستعجلة لذلك قد تلجأ إلى شركات أخرى وقد تكون بعضها غير مناسبة للبيئة المحلية. وأشار الهلال إلى ضرورة التنبه على استخدام التقنية الحديثة والزراعة المكثفة سواء تلك التي تتعلق بترشيد المياه أو تلك التي تتعلق بالزراعة الداخلية فيما يتعلق بالبيوت المحمية وتقنيات حديثة للزراعة الرأسية والزراعة المائية. التقنية الحديثة يرى راضي عبدالله الفريدي عضو اللجنة الوطنية الزراعية بمجلس الغرف السعودية أن وزارة الزراعة كان لها مبادرة جيدة في الحد من بعض المشكلات التي كانت تمثل عائقاً أمام الزراعة وزيادة الإنتاج وهي التوقف عن زراعة الأعلاف والتي تحتاج للكثير من المياه، إلا أن صندوق التنمية الزراعي في توجهه الجديد يدعم من يستخدم التقنية في طرقه الزراعية فيدعمه بقرض يصل إلى 60 % بينما من يستخدم الحلول التقليدية فإن له نسبة أقل، ولذلك ففي مركز الاستدامة يحرصون على دعوة المزارعين لاستخدام الطرق الحديثة وتقليل الماء من أجل زراعة ناجحة، مؤكداً أن هناك الكثير من الملاحظات التي أدت إلى تدني مستوى الزراعة لدينا، فللأسف غالبية المزارعين يضعون العمالة الوافدة الجاهلة في الإشراف على مزارعهم حتى أن 80 % من المزارع في المملكة تدار من قبل عمالة جاهلة همها الربح فقط حتى أنها تستهلك المياه بطريقة عشوائية بجهل منهم، لذلك على المزارعين أن يعودوا للإشراف والعمل في مزارعهم خاصة أن عدد المزارع في السعودية يزيد عن 300 ألف مزرعة وتدار بأيدي العمالة الجاهلة التي تسيء استخدام المبيدات والمياه وغيرها، لذلك فنحن بحاجة لضرورة توعية المزارعين للاستخدام الأمثل للزراعة، لأن الزراعة علم وليست فقط مجرد وضع بذرة لكن يجب على من يدير هذه المزارع أن يتعرف على الصنف ومدى تحمل الصنف للحرارة والبرودة وجودة المنتج فبعض النباتات لا تتحمل الأمراض، فالعلم بالزراعة أمر ضروري من اختيار البذرة حتى عملية التغليف. وأشار إلى أن 80 % من المنتج الزراعي يهدر، ويعود ذلك إلى أن المزارع لا يعرف الطرق السليمة لحفظ المنتج بعد قطافه وكيف يقوم بعملية التغليف ثم عرضه في السوق بطريقة مناسبة، ولذلك يواجهون الكثير من المشكلات موضحاً أن هناك خسائر في بيع المحصول الزراعي من الخضار فعلى سبيل المثال 4 كلغ من صندوق الطماطم يباع ب 4 ريالات، في حين يصل للمستهلك في السوبر ماركت ب 18 ريالاً فأي منتج محلي يحصل المزارع على نسبة 20 % من بيعه فللأسف لا يوجد تنظيم في سوق الجملة فالدلال هو من يتحكم في سعر المنتج الزراعي فيشتريه بسعر قليل من المزارع، وخلال ساعة يبيعه بالضعف فلا يوجد نظام يحد من تلك التعاملات، فإدارة الأسواق تتبع الشؤون البلدية والقروية ولا تتدخل في تنظيم البيع. يجب مساعدة المزارعين في تأمين المياه لمزارعهم بطرق حديثة التسويق الزراعي إحدى أبرز مشكلات المزارعين د. إبراهيم الهلال راضي الفريدي د. محمد الغامدي Your browser does not support the video tag.