كانت البداية قبل عام (1917م) عندما قامت اثنتا عشرة جامعة بالولايات المتحدةالأمريكية بتطبيق نظام «الشقة النموذجية» وفيه يتم تدريب الطالبات على كل الأعمال المنزلية في مسكن خاص يضم مابين 20 - 25 طالبة تمنح خلالها الطالبة حرية الحركة والفكر والإبداع لتقديم رؤية مستقلة عن إدارة المسكن وتجهيزه وتأثيثه تحت إشراف هيئة التدريس في فترة أقصاها عشرة أيام وامتداداً لهذا الفكر الرائد تم إدخال فكرة «الشقة النموذجية» في كل كليات البنات بالمملكة لقسم الاقتصاد المنزلي وذلك لاستنفار ما بداخل الطالبات من أفكار ورؤى إبداعية ليست فقط في تحمل الأعباء المنزلية والمطالب الحياتية بل يتعدى ذلك لإفراز عناصر قادرة على تحمل تبعات الحياة وإظهار البعد الجمالي الكامن داخل كل طالبة حسب ميولها وقدراتها وطباعها. الفكرة رائدة تحمل بين طياتها الكثير فليس الأمر قاصراً على إعداد مائدة أو تجميل أثاث، بل هناك رؤية اقتصادية كتخطيط الميزانية واتخاذ القرارات وتعديل الخطط بما يتناسب مع الموقف، أما الرؤية الاجتماعية التي لا تقل أهمية عن الرؤية الاقتصاية فهي تدعم أواصر الود بين أقرب المقربين في العائلة الواحدة، وتدعم علاقات الطالبات بعضهن البعض أثناء فترة تواجدهن في تلك الفترة «فترة التدريس» التي تقسم فيها الاختصاصات فيما بينهن والافادة من أفكار الغير ورؤيته للأشياء، وتؤكد ذلك مشرفة الشقة النموذجية الأستاذة إيمان السيد المحاريقي حيث تقول: إن فكرة «الشقة النموذجية» فكرة نموذجية فيها يتم التقارب بين الإدارة والطالبات، بعيداً عن المحاضرات فقد تعلمت منهن الكثير من الأمور الجديدة حيث تتكاثر الأفكار والمواهب والاطلاع على كثير من العادات والتقاليد المميزة للشعب السعودي. وتقول الدكتورة نورة بنت عبدالملك آل الشيخ، عميدة الكلية: إنني فخورة جداً ببناتي الطالبات، فلقد امتازت أعمالهن بالأصالة والعودة إلى الماضي العريق ومزج هذا الماضي بجديد هذا العصر. وتضيف الدكتورة حياة العامودي وكيلة الكلية لشؤون الطالبات هذا العلم ينفع الفتاة في حياتها مع أسرتها وأبنائها في المستقبل. أما الدكتورة نورة القميز، رئيسة قسم الاقتصاد المنزلي فقد أكدت على روح التعاون والود التي جمعت بين الطالبات أثناء فترة التدريب. وقد تعددت الآراء وإن كان معظمها يؤكد فكرة الأصالة والعراقة لدى الفتيات في إبداعاتهن وأعمالهن التي أظهرت جوانب كادت أن تطحنها رحى المدينة الحديثة. فليس كل جديد جيداً، هذا ما أكدته الطالبات، فتقول غادة السعود: أشكر الكلية لإتاحتها فرصة الإبداع واستخراج الأفكار الكاملة وتطبيق ما تم دراسته في السنوات السابقة، أما أشواق المحسن مديرة لإحدى الشقق النموذجية فتقول: إن فترة الإقامة قليلة جداً خاصة وأن هناك الكثير من الأمور التي تنفذها الطالبة من ديكورات وغير ذلك خاصة وأن شقتنا تمتاز بالتراث الشعبي السعودي. وتضيف منال الصالح: إن ما تقدمه الطالبات إنجاز خطير في وقت قصير. إن فكرة «الشقة النموذجية» تقدم طرحاً جديداً يعيد كثيراً من الأمور إلى نصابها منها فتح آفاق جديدة أمام الطالبات للإبداع واستقلالية الرأي وتحمل المسؤولية والحفاظ على كيان مجتمع صغير يعد نواة لمجتمع جديد وثاني الأمور التي تأكدت من تلك التجربة حرص الفتيات على تأصيل فكرة العراقة والتراث والتي تؤكد مدى الترابط بين الطالبة وعراقة تراثها دون إغفال لمعطيات العصر الحديث، وتلك هي المعادلة الصعبة التي تحققها الفتيات من تلك الفكرة.