بزغ التيار الصحوي بعد ثلاثة أحداث حدثت بالمنطقة في العام 1979م: أولها: قيام نظام الخميني في الأول من فبراير 1979م. ثانيها: ظهور حركة جهيمان في 20 نوفمبر 1979م. ثالثها: غزو الاتحاد السوفيتي لأفغانستان في 24 ديسمبر 1979م. لكن جذور الصحوة تعود عندما انتهت - سياسيًا - في مارس 1929م بمعركة السبلة التي تشتت أصحابها، وجعلتهم يتناثرون في جهات غير سياسية بشكل لا يثيرُ الشبهات حتى تم استضافة الإخوان من مصر في الستينات فظهرت هذه الفئة (الصحويون) مستغلين الظروف في مواجهة القومية حتى واصلوا بزوغهم، وكان مفهوم الصحوة من منظورهم يقوم على أن المجتمع لا يرتقي إلا بالدين فالدين بابهم السياسي. ومن الأسباب الداخلية في بزوغ الصحوة: فشل التيارات المنافسة؛ لعدم حملها مبادئ يقبلها المجتمع أو لتبني أصحابها أراء هدامة، وكذلك توفر البيئة الخصبة من: مدارس، وجامعات، ومراكز، ومساجد، وانتشار أشرطة الكاسيت - بالإضافة - لنشاط رموزهم الذين كانوا بين العشرين والثلاثين، والذين تخلوا - الآن - عن جل دعواتهم، وتركوا أتباعهم؛ فأصبح الواحد منهم كشخصين في زمنيين. مرت مراحل الصحوة بخمس مراحل: السبات من 1929م إلى 1979م، ثم الصعود من 1979م إلى 1990م، ثم الصدام من 1990م إلى 2001م، ثم التخفي والتلون من 2001م إلى 2017م ، ثم الانحدار 2017م. قبل التحدث عن مرحلة الصعود لابد من ذكر حال المجتمع قبلها، فقد كان يطلق عليه (جيل الطيبين) الذي كان متمسكًا دينيًا، محافظًا اجتماعيًا، منفتحًا فكريًا، مرنًا ثقافيًا، فعند البزوغ حدثت أحداث منها الحرب الإيرانية العراقية، واجتياح إسرائيل للبنان، وهذه الظروف دائماً ما ينشط معها الفكر الأحادي ذو التوجه السياسي؛ حيث كانت الدولة تحت وطأة أحداث داخلية وخارجية، ورأت الدولة حينها أن تقود هذا البزوغ من باب السيطرة، ونجحت الدولة حتى جاءت مرحلة الصدام في فترة التسعينات بعد الغزو العراقي للكويت. وهؤلاء الصحويون ينشطون في ظروف غير صحية مستغلين الظروف لأهدافهم السياسية وهذا ديدنهم منذ عهد أسلافهم قبل معركة السبلة، وقد تصدت الدولة لهم بهذه الفترة؛ فكشف صنف منهم عن وجهه القبيح وهم القاعدة، وبدأت بتفجير العليا في نوفمبر 1995م. وظل صنف منهم صامت إلى أن جاءت مرحلة 2001م، وهي مرحلة التلون والتشكل، وأصبح هناك صنف مجاهر مقاتل، وصنف مداهن يسير في خضم الموجة بما يخدمه. أما الصنف المقاتل فقد بدأ بالقاعدة وانتهى بداعش، والصنف المداهن تدرج بالتشكل بكل الاتجاهات؛ لذا لابد من إيضاح أن بعض التيارات الدينية ذات أغراض سياسية، يكون ظاهرها النور، وباطنها الظلام، وأصحابها يتشكلون، ولا يلتزمون بما ينادون به، وحججهم واهية عند كل تشكل. وأما آثارهم على المجتمع فقد اختفى (جيل الطيبين)، وتشكل للمجتمع ثقافات وآثار ولدت تناقضات سلوكية للفرد وصلت في البعض لدرجة الانفصام، وتم أدلجة الدين، وحصره بهم، وتكونت عادات اجتماعية هدامة، منها: ثقافة العيب، النزاهة الشكلية، ترقية بعض التقاليد إلى أحكام دينية، الرفعة الشخصية لهم كأنه (مبدأ إمامي شيعي)، معاداة الدولة تكون نزاهة، استصغار المخالف، حتى وصل التأثير الفكري في تغيير تصاميم البيوت. ومن علامات توجهم السياسي: أن البعض منهم ليس ممن يقصد في العلم والفتيا؛ لذا لا يوجد منهم من وصل لمرحلة الاجتهاد أو لمنزلة العلماء، وكذلك يمنعون الشيء ثم يكونون أول المتعاطين له؛ لذا فهم أكثر الناس تلونًا وأن موانعهم لم تكن على مبادئ وإنما تكتيك يزول بلحظة؛ لهذا نجد أكبر المتضررين من الصحويين هم العلماء الأجلاء والدعاة الناصحون؛ لأنهم لبسوا عباءتهم، وأضاعوا هيبتهم، وآن الأوان لإزالة عباءتهم، كذلك نجد من المتضررين نظام التعليم والمجتمع بأكمله. الآن وفي مدة انتهائهم، وعودة المجتمع كما كان نأمل ألاّ يتسلق أي تيار هذه العودة؛ فهي مطالب مجتمعية وليست مطالب تيار، وإن تبنت بعض التيارات بعض مظاهر العودة، فهي تيارات تتاجر لأهدافها وليس غرضها خدمة المجتمع السعودي المعتدل بطبعه، والمجتمع لن يقبل أن يكون تحت رحمة تيار معين لثلاثين سنة قادمة. Your browser does not support the video tag.