القلق والتوتر مرض شائع في هذا الزمان اقترن مع التطور السريع والتقنية المتفوقة، يصاب به الشباب أكثر من غيرهم. وذلك بحكم ما فرضته عليهم عجلة الحياة السريعة، والمليئة بالمنافسة الشرسة، في مجالات الحياة المختلفة، والذي يعد العمل على رأس أولوياتها، فسياسة اليوم البقاء للأفضل مما يعني حياة لا تخلو من القلق والتفكير في المستقبل المجهول. ولكن هل في الواقع أن كل ما يقلقنا وراءه مخاوف حقيقية؟ أم خوف من مجهول علمه عند الله ولأسباب ليست واقعية، بل رسمها خيالنا في صورة تعزز من قلقنا تجاه المستقبل؟ ولربما لو وقعت تلك المخاوف لكان أثرها أرحم بكثير من ألم انتظارها على قول إخواننا المصريين «وقوع البلاء ولا انتظاره». إن بذل مزيد من الوقت بصحبة القلق تبني قواعد متينة للنظرة السلبية لدينا، وتؤسس لعادة القلق في جميع أمور حياتنا حتى لو كانت زيارة لصديق، وعلى الأرجح، أيضاً أننا نورثها لأولادنا، ناهيك عما يلحقه القلق بنا من أضرار منها هدر لطاقاتنا وخمول في قوانا الجسدية، والنفسية، ومحدودية قدرة الدماغ على التفكير الموضوعي السليم. هناك تجربة مشهورة يجدر بنا أن نعرض أنفسنا عليها لعلها تساعدنا على كسر عادة القلق وتخفيف نظرتنا السلبية للمحن والمشاكل التي تمر بنا، إنها تجربة أثر الماء المغلي على كل من الجزر والبيض، والقهوة المطحونة. كل منهم تغيرت طبيعته بعد تعرضه للغليان فالجزر أصبح ليناً بعد أن كان صلباً، والبيض تحولت حالته من السائلة إلى الصلبة، والقهوة كلما طال غليانها منحتنا رائحة عبقة مميزة لا يغني عنها غيرها لتلامس رائحتها الذكية مشاعر عاشقيها قبل أنوفهم. أنظر لنفسك هل أنت صلب عند تعرضك للمشاكل، أو للمحن أم أنك تذوب فيها وتصبح ليناً، وتفقد بعدها قدرتك على مواصلة حياتك بشكل طبيعي وسلس، أو أن من طبيعتك أنك قليل التجارب ليناً، ومع تعرضك لظروف قاسية يتحول ضعفك إلى قوة وصلابة وكل أزمة تزيد من تحملك وصبرك، أو أن ما تتعرض له من تجارب مرة، تكسبك روحاً طيبةً يمتد أثرها على من حولك كرائحة القهوة تماماً. نحن كمسلمين محظوظين أن مَنّ الله علينا بالإسلام الذي وجهنا للعلاج الناجع لمواجهة القلق فالقضاء والقدر ركن من أركان الإيمان الذي تطمئن به النفوس وتتلاشى معه المخاوف بتفويض كل أمر لله. Your browser does not support the video tag.