إذا ما ألقينا نظرة على أهم مسلسلات السير الذاتية التي تم إنتاجها في العالم العربي خلال الخمسة وعشرين عاماً الماضية، لوجدنا أن أكثرها نجاحاً كانت عن شخصيات من جيل الأمس انكشف الكثير عن حياتها العامة بينما بقي الكثير من فصول حياتها الخاصة مجهولاً، ما أعطى تلك المسلسلات نجاحاً كبيراً بسبب فضول المشاهدين بشأنها، وفي مقدمتهم أم كلثوم وأسمهان. بينما لم تلق مسلسلات عن شخصيات أخرى كصباح أو إسماعيل ياسين وعبدالحليم حافظ وسعاد حسني نفس النجاح أو الرواج، والسبب أن تلك الشخصيات كانت مكشوفة وكثيرة الظهور ولا يوجد عنها في الخفاء أكثر مما يوجد عنها في العلن، بغض النظر عن مدى جودة الأعمال التي تم تقديمها عنهم وظروفها، وهذا لا يعني أن سعاد حسني مثلاً أقل أهمية من أسمهان، ولكن الفضول بشأن أسمهان كان أكبر. أما إذا ما حاولنا أن نلقي نظرة على جيل المخضرمين أو جيل الشباب الموجودين حالياً، لنعرف أي الشخصيات الفنية من الممكن أن تثير فضول الأجيال القادمة ليكتبوا عنها أو يجسدوها عبر التلفزيون فمن الصعب أن نتنبأ، والسبب أن معظمهم انفتح على "السوشال ميديا" أكثر من اللزوم وليس هناك فضول بشأنهم، فالجمهور معهم طوال الوقت، داخل منازلهم وخارجها، وإن لم يكن يعرف عن خصوصياتهم شيئاً فهو يعرف شخصياتهم وكأنه تربى معهم ويعرف توجهاتهم وآراءهم وطريقة تفكيرهم، وما يحبونه أو يكرهونه وما يمرون به من منعطفات وظروف خاصة. وهو في الحقيقة فخ وقع أغلبيتهم فيه ففقد فضول المتابعين بشأنه حتى وإن لم يفقد جماهيريته. وعلى سبيل المثال، أصالة نصري وديانا حداد ونوال الزغبي وعاصي الحلاني وراغب علامة ونجوى كرم وأحلام.. وغيرهم الكثير من جيل المخضرمين، وأحمد حلمي ومنى زكي ونانسي وميريام وداليا وبلقيس ويارا وغيرهم الكثير من الجيل الذي جاء بعدهم. أسماء ليس هناك أي فضول بشأنها، بعكس جوليا بطرس ونوال الكويتية ونبيل شعيل وعبدالله الرويشد وحسين الجسمي وراشد الماجد وعبدالمجيد عبدالله وغيرهم القليل من جيل المخضرمين، وآمال ماهر وعباس إبراهيم وماجد المهندس من جيل الشباب، ممن يتمسكون بندرة الظهور خارج إطار الفن، والفن فقط. وبمقارنة بسيطة، نجد أن الفنانات هن الأكثر حباً للظهور سواءً عبر البرامج أو تطبيقات التواصل، وهن الأكثر انفتاحاً أمام الجمهور، وهن الأكثر افتقاداً للخصوصية، وهن الأكثر حباً للكلام، بعكس النجوم الذكور الذين يتفوقون في قدرتهم على السيطرة أمام موجة تطبيقات التواصل باستثناء القليل طبعاً من الفئتين، حيث إن أكثر الحسابات الفنية رواجاً ومتابعة هي حسابات لفنانات إناث وليس فنانين وبأضعاف المرات أيضاً. فإذا ما نظرنا للخليج فقط، لن نجد سوى فنانتين أو ثلاث فقط لا يملكن حسابات مفتوحة على الجمهور يدرنها بأنفسهن طوال الوقت على "السوشال ميديا"، بينما لا يوجد سوى فنانين أو ثلاث فقط من الذكور ممن يملكون حسابات رائجة يديرونها بأنفسهم بخلاف بقية النجوم الذين يملكون حسابات لا يعلمون عنها شيئاً بل يديرها أشخاص مكلفين بالنيابة عنهم ولا ينشرون سوى أخبارهم ومقاطعهم وصورهم الفنية. أما على مستوى الوطن العربي، يبقى عمرو دياب هو الأذكى من ناحية التعاطي مع الجمهور بشأن حياته الفنية أو الخاصة بالقدر المطلوب والجرعة الأمثل، فهو وبالرغم من أنه لا يدير حساباته بنفسه، ولا يكشف عن حياته الكثير، إلا أنه يعرف كيف ومتى يمرر ما يرغب من شؤونه الخاصة بما يخدم جماهيريته ويرضي جمهوره ويبقيه في المقدمة، ولا يزال هو النجم الأكثر إثارة للفضول ولذلك فهو المرشح الأول لصناع المسلسلات من الأجيال القادمة، بل وحتى لصناع المسلسلات من الجيل الحالي!. أحلام عمرو دياب Your browser does not support the video tag.