مازالت المعادلة تتكرر في كُل عام، فكُلما اقترب موعد معرض الكتاب، تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى مهرجان إعلاني، وتسويق مجاني للكتب تنبجس منه آلاف التغريدات التي ينبري فيها الكثير من الكُتاب للإعلان عن توافر كتبهم في مختلف دور النشر المشاركة، بالإضافة إلى الدعوة لحضور منصات التوقيع بحسب اختلاف الزمان والمكان. وهذا بلا شك حق مشروع للكل، فليس لأحد أن يمنع الآخر من تسويق كتابه، أو دعوة القراء لحضور حفل توقيعه. في هذا المجال الفسيح "تويتر" أو "فيس بوك". لكن المُقزز في الأمر هو انتقال المنافسة بين الكُتاب حول تقديم "المحتوى" الذي يليق بعقول القُراء والنقاد، والتحول إلى المنافسة الرقمية فيحصد الكاتب ثمرة "نجاحه" وتفوقه على الآخرين بقدر ما يتحصل عليه من إعادة تغريد تغريدته التي سوَّق فيها كتابه أو أعلن من خلالها عن موعد تواجده على منصة التوقيع، فضلاً عن تفرّغ البعض منهم لإعادة تغريد انطباعات المتابعين "خاصة أولئك المادحين" وتسويق البعض الآخر لكتبه بطريقة "أشتر وأربح نسخة موقعة من الكاتب نفسه". وهذه الممارسات لا تدل إلا على أمر واحد بلا شك، هو ضعف قيمة الكتاب، فالمحتوى الجيد كان ومازال يستطيع تسويق نفسه دون الحاجة لكل تلك المسابقات والإعلانات التي جعلت كثيرا من أصحاب الحسابات النشطة في تويتر يعبرون عن استيائهم من تحول هذا الفضاء إلى مهرجان إعلاني ممل. الشيء الآخر والذي يثير الاستغراب هو التسابق المحموم بين الكثير من الكُتاب وتهافتهم على منصات التوقيع، رغم أنها لا تقدم في قيمة الكتاب ولا الكاتب ولا تنقصهما شيئاً، وربما لم نلحظ أحداً من رواد الحركة الأدبية والثقافية الذين لطالما أثروا المشهدين بأعمالهم يحرصون على التوقيع على كتبهم إلا إذا كانت على سبيل الإهداء الشخصي، قبل أن تنقلب الآية وتتحول تلك المنصات في هذا الزمن إلى بهرجة شخصية، وتلميع في غير سياقه، ومدعاة إلى الاستمرار في ضخ الكتب سواء كانت ذات قيمة عالية أو رديئة حفاظاً على وجوده على المنصة في كل عام مرة أو مرتين. مازال القُراء يتساءلون معرضاً بعد معرض، لماذا لم يكن غازي القصيبي مثلاً يوقع على كتبه؟ وأين أدباؤنا الذين يستحقون هذه البهرجة والحفاوة التقديرية عن مشهد التوقيع المزعوم؟ رغم أعمالهم التي مازالت تحقق رواجاً وتأثيرا في المشهد الأدبي. Your browser does not support the video tag.