رؤية الأفلام الجيدة (عدة مرات) لا تختلف عن رؤية صديق قديم تسعد برؤيته في كل مرة.. ومؤخراً شاهدت (لثالث مرة) فيلم «إنقاذ الجندي رايان» ولم تختلف متعتي عن رؤيته للمرة الأولى.. فيلم مبني على قصة حقيقية حدثت لأم مسنة قتل ثلاثة من أبنائها أثناء الحرب العالمية الثانية.. يبدأ الفيلم من الزمن الحاضر بمشهد لرجل عجوز (يدعى رايان) يذهب لفرنسا لزيارة مقبرة الجنود الأميركان في النورماندي.. يسرع الخطى نحو قبر معين ثم يسقط أمامه يبكي.. وهنا تنتهي اللقطة ويرجع بنا المخرج إلى الحرب العالمية الثانية حين أنزل الأميركان قواتهم على شاطئ النورماندي الفرنسي (الذي كان حينها خاضعاً للاحتلال الألماني).. كان مشهداً مرعباً حيث كان الألمان متحصنين ومستعدين بالرشاشات الآلية فحصدوا آلاف الجنود بمجرد نزولهم على الشاطئ.. كل دقيقة من مشهد الإنزال كلفت مليون دولار، استعان فيه المخرج ستيفن سبيلبيرج بجنود حقيقيين فقدوا أطرافهم في معارك حقيقية.. وخلال هذا المشهد تركز الكاميرا على قائد يدعى (ميلر) يحاول المحافظة على حياة جنوده - ولكنه يخسر الكثير منهم قبل أن يسيطروا على الشاطئ.. بعد ذلك تنتقل الكاميرا إلى مكتب بريد تابع للجيش الأميركي يكتب يومياً آلاف الرسائل التي تبلغ عائلات الجنود بوفاة أبنائهم في المعارك.. وفي هذا المكتب تكتشف إحدى الموظفات أن ثلاث رسائل (تفيد بوفاة ثلاثة إخوة) موجهة لنفس الأم في نفس اليوم.. أدرك الجميع قسوة الخبر على الأم (التي تملك أربعة أبناء يشاركون في الحرب) فيأمر قائد الجيش بتشكيل فرقة خاصة للبحث عن الأخ الرابع في أوروبا وإعادته لوالدته.. وفي أوروبا تصل الأوامر إلى ميلر لتشكيل قوة خاصة للبحث عن الأخ الرابع (الجندي رايان).. وباستثناء القائد ميلر لا أحد يعلم لماذا هذا الجندي بالذات، ولا أين سيعثرون عليه، ولا كيف سيعودون به سليماً (وهذا إن كان حياً أصلاً).. ومن هنا تبدأ مغامرة الفرقة التي تخوض عدة مواجهات ومعارك أثناء تمشيط البلدات الفرنسية للبحث عن رايان.. وخلال هذه المهمة يتساقطون الواحد تلو الآخر لدرجة يغضب أحدهم ويقول للقائد ميلر: من هو هذا الجندي الذي نخسر حياتنا لأجله؟ فيقول ميلر: «لا أعلم، ولكن أرجو أن يستحق هذه التضحية، أتمنى حين يعود للوطن أن يكتشف دواء للسرطان أو يخترع مصباحاً لا ينطفئ لأنني شخصياً لن أقبل مقايضة عشرة مثله بأي جندي من فرقتي...». وأخيراً يعثرون على رايان في بلدة راميل الفرنسية ويكتشفون أنه مجرد جندي مراهق عادي.. يخبره ميلر بوفاة إخوته الثلاثة وأن مهمته إعادته لوالدته.. ولكن رايان يصر على إكمال المعركة مع زملائه ومنع الألمان من تدمير جسر المدينة، ولأن فرقته أصبحت محاصرة معهم يقرر ميلر الانضمام للمعركة ويتسلم القيادة (كونه الأعلى رتبة).. غير أن الهجوم الألماني كان كثيفاً لدرجة قتل معظم أفراد الفرقة باستثناء الجندي رايان والقائد ميلر.. وفي نهاية الفيلم يصاب ميلر برصاصة قاتلة فيحاول رايان إنقاذه ولكن ميلر يهمس في أذنه قبل وفاته: «رايان، استحق تضحيتنا من أجلك».. الجميل أن الفيلم يقوم على قصة حقيقية لأم فقدت ثلاثة من أبنائها خلال الحرب فيقرر الجيش استعادة ابنها الرابع.. وبالفعل ينجو الابن الرابع ويعمر طويلاً ويقرر قبل وفاته العودة إلى فرنسا لزيارة قبر ميلر والجنود الذين ضحوا بحياتهم من أجله.. Your browser does not support the video tag.