عندما يتفاعل الشخص العادي مع خبر من مصدر مجهول فهنا نرفع عنه العتب نظراً لمحدودية علمه بالمصادر الموثوقة وجهله بقواعد التثبت من الخبر الإعلامي وتحليل أهدافه والبحث عن مصادره وقدر مصداقيتها واكتمال أركان مهنيتها الإعلامية، لكن تكمن مصيبتنا الكبرى في بعض الإعلاميين ممن كنا نظنهم مخضرمين فإذا بهم يسقطون في شباك إغراءات حصد الشهرة والأسبقية في تداول الخبر تحت أسمائهم وصورهم ضاربين بذلك كل مبادئ ميثاق الشرف الإعلامي وكل مبادئ المهنية الإعلامية، فنراهم يسابقون الحسابات المجهولة والمشبوهة في تلقف أي موضوع أو قضية تثار وخوض غمارها بخطب شعبوية رنانة يغلب عليها دغدغة المشاعر المشحونة بما يطربها من أقاويل مسلطين سياطهم لجلد الذات في حفلات أقل ما يقال عنها حفلات «زار» سقيمة يفرغون من خلالها كل طاقاتهم السلبية نحو وطنهم ومجتمعهم، فهم يعتقدون أن الجمهور «عاوز كده» وغاب عنهم أن الجمهور أصبح يمتلك من الوعي ما يكشف سطحيتهم وعبثهم الإعلامي فالجمهور اليوم باحث عن حقيقة لا عن «أصحاب عقول خفيفة» ممن نراهم يتقافزون من موجة لأخرى باحثين عن أمجاد شعبية في منظر لا يعكس إلا سطحية الفكر وغياب المهنية التي تتطلب منهم أن يكونوا قدوات للمتلقي من خلال نشر الوعي بتفنيد الأكاذيب ودحض الشائعات لا أن يكون من نجومها الدائمين، خاصة أننا نواجه عدواً خارجياً يمتلك منظومة إعلامية عابثة وكاذبة ومدلسة تحتاج من كل إعلامي وصاحب منبر أن يسخر نفسه ليكون الحصن الحصين الذي يحمي وعي المجتمع من الاختراقات والأقاويل الكاذبة والتي تحمل بين طياتها شبهات استخباراتية وجدت من يقدم لها خدمات مجانية في الترويج والتأجيج من قوم «سبقتكم». وما زاد الطين بلة أنهم بعد تكذيب الخبر ونشر حقيقته من الجهات المسؤولة يتوارون عن الأنظار خفية ودون خجل ليقفزوا على موجة جديدة دون أي اعتذار لمن اعتبروهم أصحاب مصداقية تستحق الثقة. إن لم يستشعر الإعلامي خطورة ما تواجهه بلادنا من هجمات منظمة تستهدف تدمير مكتسباتنا الأمنية والحضارية والاقتصادية والاجتماعية والتاريخية فعليه أن يترجل من على منصات الرأي العام فليس هذا زمن «الفهاوة» الإعلامية، فإن تقدم وعي المتلقي على وعي بعض الإعلاميين بخطوات عديدة يجعلنا ندق ناقوس الخطر فمن لا يستشعر الأخطار من بعض الإعلاميين ولم يزل يبحث عن انتصارات وهمية زائفة من خلال تصدر نشر الأخبار المكذوبة والمساهمة في تدوير الشائعات على حساب مصلحة الوطن أن يعيد التفكير في أولوياته، فما يمارسه من سقوط مهني لا يدل إلا على الابتعاد أكثر وأكثر عن ملامسة مهنية دوره الإعلامي وواقع المرحلة. Your browser does not support the video tag.