الدكتور مسفر بن علي القحطاني، أستاذ بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وكاتب صحفي له العديد من المؤلفات والأبحاث، التقته الرياض خلال مشاركته في الفعاليات الثقافية لمهرجان الجنادرية 32 وتحدث عن عالمية المهرجان وتنامي متابعنه من عام إلى آخر ليس عربياً فحسب بل عالمي ، لما يحمله من تراث حضاري يربط الحاضر بالماضي ويعزز مفاهيم وقيم المجتمع لمراجعة المتغيرات الفكرية بجانبيها السلبي والإيجابي ، هذا وأكثر في ثنايا هذا الحوار الشيق.. *كيف تنظرون إلى الجنادرية بعد 32 عاماً من العطاء، خاصة مع اختلاف الأطروحات، وتحولها إلى مهرجان عالمي ربما أكثر من كونه مهرجاناً محلياً؟ -الجنادرية منذ 32 عاماً وهي مازالت تتألق، وهذا هو سبب تحولها إلى العالمية، فحتى شريحة التأثير الذي تحدثه الجنادرية على المستوى الثقافي قد توسعت ونمت، وقد تجاوزت حدود المملكة وصارت تشكل علامة فارقة على المستوى الثقافي رغم وجود عدد كبير جداً من المهرجانات والمناسبات والفعاليات الثقافية والأدبية والشعرية، ولكن الجنادرية هي التي تطغى بحضورها، ويمنحها مسؤولية المحافظة على هذا الوهج، فالتحدي يكمن في المحافظة على مثل هذه الريادة، حتى لا تصاب بالرتابة والجمود. وتبقى تشكل فارقاً تجديدياً في كل عام. وأعتقد أن الجنادرية هي البيئة الملائمة لمراجعة التغيرات الفكرية وتأثيراتها إيجاباً أو سلباً. *بحكم قربك من الإعلام والشباب، هل تعتقد أن ثقافة هذا الجيل اختلفت عن ثقافات الأجيال السابقة مع هذه الثورة الرقمية، وهل تعتقد أننا حين نصل إلى 2020م سنكون أمام ثقافة عربية جديدة مختلفة عما كان سائداً خلال العقود الماضية من الثقافات؟ -بالتأكيد لأن حجم المتغيرات الثقافية كبيرة، وأغلبها متعلقة بصناعة التكنولوجيا التي أثرت على الإنسان خاصة في السياق الثقافي والفكري، وقد ظهرت وسائل جديدة بدأت في تشكيل فكر الإنسان وصناعة المثقفين الجدد، كما أن الأطروحات تغيرت، حيث يتبناها جيل الشباب، لذلك لا يجب أن نتعامل مع هذه الثقافات الجديدة بنفس أدواتنا القديمة، فأدواتنا القديمة تكون فاعلة في تعاملنا مع ثقافة جيلنا وجيل من سبقونا، وفي مجالات محدودة للغاية، فنحن اليوم أمام فضاء حر، لا تملك أي جهة القدرة على الحد منها أو تقييدها، لذلك تكمن مسؤوليتنا في وضع قيم خاصة في داخل كل فرد، ليكون لديه مسؤولية ذاتية تحكم حريته التعبيرية. حتى لا نكون أمام ثقافة تدميرية يستغلها المغرضون الذين يبرزون أشياء لا يصح إبرازها. وأعتقد أن الجنادرية لو تبنت مثل هذه الفكرة كهدف يربط تراثنا بتعزيز القيم والمسؤوليات الفردية فسوف تكون بالفعل سابقة لكل المناسبات والمهرجانات الثقافية. *نلاحظ بعض مشاهير الإعلام الجديد أساؤوا إلى العادات والتقاليد، مما جعل بعض الحملات الداعية لمقاطعتهم تظهر، فهل أنت مع أو ضد؟ -أنا لا أدعو لمقاطعتهم ولا الاستمرار في متابعتهم، أنا مع بناء الإنسان وتعزيز قيمه بما يجعله يميز بين الغث والسمين، فالفرد يذهب إلى المسجد والمدرسة والأسرة ولكل جهة منهم خطابه، ولابد أن تحاول كل جهة من هذه الجهات الثلاث أن تصوغ خطاباً يناسب عقول هؤلاء الأبناء والشباب والنشء مما يؤسس في عقولهم الخطاب النقدي الذي يجعلهم يفكرون بشكل صحيح ويدركون ما وراء الأمور، فلا ينساقون مع أي شيء. خاصة وأن لدى شبابنا قاعدة قيمية جيدة. *إلى أي مدى ساهمت الجنادرية في ترسيخ قيمنا وتراثنا وهويتنا الثقافية؟ -نعم صحيح، فالجنادرية ربما تردم الهوة بين الشباب وتراث وثقافة الأمس. ونحن نحتاج لمؤسسات ثقافية تقوم بمثل هذه الأدوار التي تؤديها الجنادرية خلال أسبوعين أو ثلاثة أسابيع من العام. فهذه المؤسسات هي ما سيقوم بفعل حقيقي يقدم له تراثه بطريقة تناسب إدراكه وانفتاحه الرقمي. ليعرف كل شاب قدر هذا التراث وقيم الماضي الذي ينتمي له تاريخاً وجذوراً، لذلك أعيد وأؤكد أن هذا دور مؤسسات، وأرى أن على وزارة العمل والتنمية الاجتماعية دور كبير في هذا الجانب، إذ لابد أن تتبنى مثل هذه المؤسسات التي تخاطب الشباب ثقافياً واجتماعياً. Your browser does not support the video tag.