ولد الأستاذ الدكتور رضوان السيد في ترشيش بجبل لبنان سنة 1949م، وحصل على الشهادة العالمية من كلية أصول الدين بجامعة الأزهر عام 1970م وعلى دكتوراه في الفلسفة من قسم الدراسات الإسلامية من جامعة توبنغن بألمانيا سنة 1977م، وقد حصل على جائزة الملك فيصل العالمية 2017م في فرع الدراسات الإسلامية نظير جمعه في أعماله ودراساته بين الاطلاع المدقق الواسع على التراث العربي الإسلامي الفقهي والسياسي والإحاطة بمنهجيات البحث الحديثة، ولمواءمته المتميزة بين الأصول الفكرية السياسية الإسلامية والواقع العربي وتعدد الدراسات العلمية التي قدمها في الفكر السياسي عند المسلمين. وهو أحد المشاركين في مهرجان «الجنادرية 32»، فكان «للرياض» معه هذا الحوار.. الشباب يرى التراث الثقافي جموداً لا يناسبه *بداية نبارك لكم حصولكم على جائزة الملك فيصل العالمية، ونود أن نعرف انطباعكم عن الجائزة وما الذي تعنيه لكم؟ -كانت الجائزة تتويجاً مشرفاً لأعمالي خلال الثلاثين عاماً الماضية في التفكير السياسي في الإسلام، وقد سرتني جداً وهي جائزة نوبل العربية. وقد انتظرتها طويلاً في الحقيقة، فالإنسان الذي يحصل على جائزة الملك فيصل فهذا يعني أنه حقق إنجازاً علمياً كبيراً وبلغ رتبة عالية من الناحية الثقافية، سواء في المجال الذي تخصص فيه أو بين أقرانه، لذلك فإني كنت وما أزال شديد الشكر لمؤسسة الملك فيصل، وللأمير خالد الفيصل الذي حين أبلغته شكري قال لي بلطف ومجاملة: إن الجائزة كانت تحتاج إليك يا أستاذ رضوان أكثر مما احتجت إليها أنت. جيل اليوم لا يقرأ لنا ويعتبرنا كهولاً *مهرجان الجنادرية ذاعت أصداؤه وبلغ العالمية.. حدثنا عن مشاركتك فيه لهذا العام؟ -أنا آتي للمشاركة في الجنادرية منذ خمسة وعشرين عاماً، وقد لاحظت في هذا العام استعادة الحيوية رغم أنني لم أتمكن من زيارة القرية التراثية لأحكم على تقدمها وتطورها واختلافها بين الماضي والحاضر، لكن في الجانب الفكري فإن المحاضرات كانت ممتازة، سواء في الندوة التي شاركت فيها أو في الندوتين الأخريين اللتين حضرتهما، فهناك نهوض فكري يتمثل في الآراء التي يعرضها الباحثون والمفكرون السعوديون، ثم إن العرب الذين يأتون إلى المملكة العربية السعودية للمشاركة في هذا المهرجان يرغبون في التجديد وما عاد أحد منا يرغب أن يكرر نفسه، فلابد من نشاط جاد وحيوي وقوي لمحاولة معالجة مشكلات الماضي وصنع المستقبل العربي الجديد. *ربما تتابع الآن هذه الثورة التقنية الإلكترونية الهائلة، والتي غالباً ما يقودها 60 % من الشباب، ولا يخفى عليكم أن طرح القضايا الثقافية والمجتمعية والاجتماعية قد أصبح أكثر جرأة من ذي قبل، فما هي نظرتك لهذا الأمر وأي نصيحة توجهها للشباب العربي للحفاظ على هوية الثقافة العربية؟ -في الحقيقة لا يمكن التنبؤ بهذا الأمر، فنحن آخر جيل (كتابي) يكتب ويقرأ الكتب الورقية، والآن نحن أمام جيل جديد، وثقافة جديدة على المستويين العالمي والعربي، تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي، ونوعية هذه الثقافة مختلفة عنا دون الحكم على كونها أفضل أو أسوأ من نوعية ثقافتنا، ولكن أريد أن أقول: إنها ثقافة جديدة من نوع جديد ولا يمكن قياسها على المرحلة السابقة، ولابد أن ننتظر ما لا يقل عن خمس إلى عشر سنوات حتى تتخذ هذه الثقافة الجديدة معالمها وتتكون بشكل صحيح، وتتضح أهدافها، فنرى حينها ما مدى فعاليتها، وجدوى آلياتها وتأثيرها. فإذا وصلنا إلى ذلك يمكن الحكم إن كانت أفضل من جيلنا أم أن جيلنا أفضل، فالتغيير هائل ومتسارع ولا يمكن الحكم على هذه التغييرات، فحتى أبنائي وطلابي لا يمكنني الحكم على إنتاجيتهم في الوقت الحالي، لأنهم يعرضونه بأشكال لم آلفها. فمثلاً قد تجد نصاً صغيراً على "تويتر" أو طرفة قد لا تحمل أي فكرة ولكنها تجد صدى رائجاً لدى هؤلاء الشباب مما يدل على أن لها جاذبية معينة لهم وإن كنت أجهل كنهها، وأنا أطالب بالصبر علينا نحن الكبار في السن حتى نستطيع فهم هذه التغيرات المتسارعة ونكون موضوعيين في حكمنا ونصائحنا. *بما أن الثقافة تسارعت، هل تعتقد أن ثقافة شباب هذا الجيل قادرة على التواصل مع إرثنا الثقافي التراثي بأشكاله المادية الحية، كما يعرض في مهرجان الجنادرية؟ -لا أعتقد أنها قادرة. فشباب اليوم يعتبرون التراث يمثل الجمود الذي يتعارض مع طبيعة حيوياتهم السريعة في نمطها الفكري والثقافي والفعلي. *وما هو دور المثقفين والمفكرين لربط هؤلاء الشباب بتراثنا وثقافتنا؟ -مشكلتهم أنهم لا يقرؤون لنا، ولا يتابعون لقاءاتنا المتلفزة، إنهم يعتبروننا الكهول، وهذه مسألة صعبة جداً جداً، ولو أخبرتك بغير هذا الكلام فلن أكون موضوعياً. *أليس لكم مشاركات في وسائل التواصل الاجتماعي، وما هي نظرتك للإعلام الجديدة كوسيلة تخاطب فكر هذا الجيل؟ -لا ليس لي أي وجود على وسائل التواصل الاجتماعي حالياً، أما الإعلام الجديد فهو شديد الجاذبية وشديد الفعالية، إنه أحياناً يخترع أشياء غير موجودة وتصبح ظاهرة عالمية. فهي شديدة التأثير، وقد دخلها بعض زملائي وسرهم التواجد في هذه المواقع، أما أنا فلم أدخل بعد إلى هذا العالم، وربما أفكر في ذلك قريباً. د.رضوان السيد متحدثاً ل«الرياض» Your browser does not support the video tag.