من هو ستيفن هوكينج Stephen Hawking البريطاني المولود عام 1942 في معمعة الحرب العالمية الثانية؟ يمكن القول بأنه بحق واحد من معجزات العصر، هذا العالم في الفيزياء النظرية والعلوم الكونية، رجل لا كالرجال بحياة لاتشبه حياة أحد ممن حققوا الشهرة بانجازاتهم العلمية، وربما يذكر بعض الشيء بالعالمة البولندية الفرنسية ماري كوري الفيزيائية والكيميائية التي اشتهرت بعملها على النشاط الإشعاعي، واكتشفت أيضا عناصر البولونيوم والراديوم، وحصلت على جائزتي نوبل - واحدة في الفيزياء والأخرى في الكيمياء، لكن الإشعاع قام بتسميمها تدريجياً وفت في عضدها حتى قضى عليها في السادسة والستين من العمر. ستيفن هوكينج الذي أصيب حين بلغ العشرين من العمر بالتصلب العصبي الضموري amyotrophic lateral sclerosis، والذي أقعده وحكم عليه بأن يمضي حياته أسيراً للمقعد المتحرك، بل وتطور المرض بحيث لم يعد بوسعه تحريك أي من أطرافه، جسد محبوس في عجزه بينما الروح تمعن في تحليقها وتشحذ القدرات لتصب في الذهن الذي يتأجج وفرض على العالم الاعتراف به بصفته عقلية علمية لاتُضاهى ورفعه ليُعد واحداً من أذكى الأذكياء على وجه الأرض، وأقدم بشجاعة لاتحدها العضلات الضامرة والأعصاب المتصلبة، شجاعة مكنته من تحقيق اختراقات علمية مذهلة ألهمت الكثيرين وساهمت في تطوير العلوم الحديثة. ليس فقط خطاباته وإنما سيرته الخاصة تشجع على عدم التخاذل أمام تحديات الحياة، بصفة الحياة نفقاً مهما أظلم فإنه لامحالة يقود للنور، يقول: "هدفي بسيط جداً، هدفي الفهم الكامل للكون، لم هو كما هو؟ ولماذا وجد أصلاً." سؤال ضخم يعتمل في جسد مربوط بمقعد ولايعمل فيه إلا الذهن، لكأنما يحيد هذا الرجل كامل كيانه لينفذ في هذا السؤال لإجابة، إجابة ربما لاتبعد كثيراً فهي كامنة في أعماقه هو، في إرادة الحياة وإرادة التغيير التي لاتخمد، أنه النور بآخر النفق آخر العتم، النور الذي ينبع من الجرح ومن العطب، نوره الذي أضاء للكثيرين الذي ينظرون إليه وتصدمهم معجزة الحياة، معجزة هذا الذي وُلِدَ في الحرب والدمار والذي بلغ قاع السأم من الحياة ولم ينتشله من عدمية الحياة إلا المرض، مفارقة أن يشعر بالموات في تمام الصحة والشباب ويشعر بعنفوان الحياة وجدوى مواصلة الصراع في قاع المرض، حدد له الأطباء ساعة موته في بلوغه للسادسة والعشرين من العمر، لكنه تحدى الحد ومن القاع انبثق ستيفن هوكينج كشهاب، مديناً للحياة ومبشراً بها ليجلب النور في كل هذه الانجازات التي حققها للوسط العلمي الدولي والتي تقود بالنهاية لحياة أخرى وانطلاق لخارج المجرات المعروفة، ولعل تلك أبرع تحدياته، ألا وهي التنبؤ ومحاولة إثباث حقيقة الحياة الأخرى والوجود خارج ما تدركه الحواس للمجهول وللمطلق. Your browser does not support the video tag.