في التفاتة الى ضرورة التفاعل مع المجتمع العلمي العالمي، فضّلت مجلة «العربي العلمي» أن تخصص غلافها للعالِم ستيفن هوكنغ، المكرّس بوصفه مرجعاً في الرياضيات والفلك حاضراً. وتبّنت المجلة، عبر افتتاحية كتبها رئيس التحرير سليمان العسكري، مقولة ان ما ينتجه العرب حاضراً يتمثّل فعلياً في ما يقدّمه علماء العرب المنضوون في مؤسسات العلوم في الغرب. وتفتح هذه الوجهة بعداّ آخر في نقاش مسألة العقول العربية وهجرتها، كما في مسألة التوصّل إلى النهوض بالشأن العلمي عربياً. ثاقب الكون صادف هذا العام الاحتفاء بالعيد السبعين لميلاد العالم ستيفن هوكنغ الذي يعد خليفة أينشتاين بعد نظريته المهمة عن احتمالية وجود أكوان موازية، والتي شرحها في كتابه «موجز لتاريخ الزمان». واستهل الزميل أحمد مغربي مقاله عن هوكنغ قائلاً: «ربما ليس من المبالغة القول إن البريطاني ستيفان هوكنغ هو ابرز علماء الفيزياء النظرية حاضراً. يشغل كرسي الرياضيات في جامعة أكسفورد الإنكليزية الذي تربع عليه العالم الشهير اسحق نيوتن. أصاب هوكنغ مرض عُضال («الضمور العصبي الوحشي» Lateral Amyotrophic Sclerosis) أثناء دراسته في الجامعة ما جعل الأطباء يتنبأون بوفاته خلال عامين لكنه عاش بعدها أربعين عاماً ولا يزال حياً». ومن النقاط المهمة في نظرية الثقوب السود، أنها خالفت (لكنها لم تُعاكس)، الصورة التي رسمها العالِم آلبرت إينشتاين عن الكون، إذ تصوّره مثل قماشة سميكة متلاحمة، لكن عقل هوكنغ جعل هذه القماشة مملوءة بالثقوب. وكذلك لفتت المجلة الى أن التقدّم العلمي في الدول العربية يحتاج إلى أمور شتى، منها توفير بيئة حاضنة للعلوم، مشيرة إلى أن المتاحف العلمية هي جزء من هذه البيئة، بحسب ما يظهر في مقابلة مع الدكتور جون دورانت مدير متحف معهد ماساشوستس الذي حاورته الزميلة نادية الدكروري خلال زيارته القاهرة أخيراً. وعبّر دورانت عن قناعته بأن كل فرد يتأثر بالعلوم والتكنولوجيا، فهي المحرك الرئيس للتغيرات الاجتماعية والاقتصادية، داعياً إلى العمل على إيصال المفاهيم العلمية المبسطة الى الجمهور، وهو أمر تساهم فيه المتاحف العلمية بطريقة جذّابة. واستمراراً من مجلة «العربي العلمي» بالاحتفاء بتراث العلم العربي والإسلامي، كتب أشرف ابو اليزيد عن مخطوط علمي هو «ديوان لغات الترك» الذي يعتبر معجماً أول للغة التركية الخاقانية- العربية. وقد ضمّ الديوان بحوثاً في اللغة والأدب والتاريخ والفلك والجغرافيا والملامح الطبوغرافية والحيوانات والطيور والنباتات وغيرها. كما عرض أمير الغندور لكتاب مهم ونادر هو كتاب «في جوهر الأجرام السماوية» لفيلسوف قرطبة ابن رشد. وتأتي أهميته من إدراجه ضمن ما فُقِد من كتب العرب، لكن ظهرت ترجمة أخيراً له، من أصل، حقّقها عماد نبيل إلى العربية، استناداً إلى ترجمتين بالعبرية واللاتينية. ويحتوي كتاب «في جوهر الأجرام السماوية»، إضافة لبعض المساهمات بصدد حركة الكواكب، مقدمة مهمة عن افكار ابن رشد وفلسفة أرسطو. واستطراداً، فإنّه يعبّر عن الوضع الذي كان عليه علم التنجيم «آسترولوجيا» Astrology، الذي انقرض مع صعود علوم الفلك والفضاء العلميين. في باب تاريخ العلوم، قدّم الزميل عبد الرحمن النمر توثيقاً تاريخياً مشوّقاً عن تاريخ اختراع مقياس الحرارة الطبي الذي بدأ قبل نحو خمسة قرون على يد جاليليو بجهاز بدائي على شكل دورق زجاجي، ووصل حاضراً إلى كونه أداة رقمية متطوّرة! وعرّجت على فن السينما. وفي مقال للزميل محمد قاسم، بسطت تاريخ الأفلام السينمائية التي تناولت مواضيع علمية مثل الذكاء الاصطناعي ممثلاً في الروبوتات، أو حروب الفضاء المستقبلية المتخيلة. ورأى قاسم أن الإنسان في صناعته لهذا النوع، إنما يحاول التفكير في مستقبل الذكاء الذي صنّعه بنفسه، على نحو ما ظهر في الفيلم الشهير «آوديسا الفضاء» Space Odessa الذي كتبه آرثر كلارك وأخرجه ستانلي كوبريك. من جهة أخرى، ناقشت المجلة المأزق الكبير الذي تواجهه صناعة السينما حاضراً، بعد استحواذ الوسيط الافتراضي ممثلاً بشبكة الإنترنت، على مساحة واسعة من المشاهدين الذين أصبحوا يفضلون مشاهدة الأفلام على شاشات الكومبيوتر بدلاً من صالات السينما، إضافة إلى التوسع في تقنية نقل الأفلام على البرامج الإلكترونية. وعرض المقال مجموعة من التصورات المستقبلية لصناعة السينما، بأثر من التطوّر المستمر في المعلوماتية والاتصالات.