بعد نشر الرياض لمقالي السابق عن البيتكوين بعنوان (البيتكوين المصيدة الإلكترونية) فاجأني سيل اللوم بسبب التعرض لهذا النوع من التعاملات على الرغم من اعتقادي بأن المقال كان محايداً في سرد الحقائق التي تؤسس لفهم تجارة العملات الإلكترونية والبيتكوين من جميع الجوانب إلا أن بعض القراء ومنهم أصدقاء لم يتفهموا ما كتبت وكان هناك خلط واضح بين النظر للبيتكوين من جانب تقييم المخاطر من جوانب فنية ورقابية وهو ما أركز عليه وبين جاذبية تلك التعاملات وربحيتها المحتملة إلا أن التذبذبات العالية في سعر البيتكوين خلال يناير 2018 وخسارتها 50 % من سعرها مع احتمالية العودة للصعود أو الهبوط هو ما أظهر جزءا من المخاطر التي تحدثت عنها فقد رأيت أنه من المناسب أن أتحدث عن المزيد من الحقائق الخطيرة عن البيتكوين مما تجاهله الإعلام من كتاب وقنوات. يعتقد أغلب رواد الإنترنت بأن محركات البحث التي نتعامل معها وملايين المواقع المرتبطة بها في مجالات التجارة والإعلام والمعرفة ومواقع التواصل الاجتماعي هي الإنترنت الحقيقي!! والحقيقة الصادمة بأن الجواب "لا" فهي ليست إلا إنترنت سطحي ولا تمثل إلا 5 % إلى 10 % فقط من الإنترنت الحقيقي والمفاجأة الأكبر هي أننا لا نستطيع الدخول إلى ال90 % من الإنترنت التي تسمى الإنترنت المظلم Deep Web ويعتبر الدخول إليها مغامرة. ولأن الإنترنت السطحي لم يصمم لمستوى السرية والخصوصية التي تحتاجها أميركا بسبب إمكانية التتبع فقد صممت المختبرات الأميركية شبكة إنترنت تحت الإنترنت السطحي سميت الإنترنت المظلم مستخدمة تقنيات توفر الاتصال المجهول بدرجة تشفير يجعلها غير خاضعة لأي رقابة ويجعل تتبع مستخدميها أمراً مستحيلاً. وقد أطلقت أميركا هذه التقنية للعامة فأصبح العالم المظلم ملجأً للتجارات المحرمة (قتلة مأجورون، بيع عملات مزيفة، غسل أموال، الاحتيال الدولي، تجارة بيانات مسروقة، بيع الجوازات المزورة، بيع المخدرات، اختراقات مأجورة..الخ) فأصبح الدخول اليها أمراً بالغ الخطورة على المستخدم العادي ويتطلب تقنيات معقدة وبسبب حاجة هذه النطاقات المظلمة لتعاملات مالية سرية تكمل حلقة الخصوصية أصبحت البيتكوين عملة هذا العالم المظلم فاستخدمتها دول مثل: إيران وكوريا الشمالية ودول أخرى في تعاملاتها المالية للتهرب من العقوبات الدولية يساعدهم في ذلك وجود أغلب محركات تداول البيتكوين في روسيا والصين وإسرائيل. ولا أعتقد أن التقاء حلقات السرية بين غموض الإنترنت المظلم ولا مركزية تعاملات البيتكون أمراً حدث بالصدفة ولكنها حقائق تؤشر إلى حجم التحديات التي نواجهها وتلك الأيدي الخفية التي تدير التعاملات في العالم المظلم والذي يساهم به البعض بشكل أو بآخر بحثاً عن الربح السريع وهو ما يدعو البنوك المركزية في العالم إلى حضر وربما تجريم تلك التعاملات وفي نفس الوقت استخدام تلك التقنية العبقرية في البحث عن عملات إلكترونية بديلة يمكن مراقبتها والتحكم بها وهو ما بدأت بتنفيذه مؤسسة النقد العربي السعودي بالشراكة مع البنك المركزي الإماراتي وتفكر به كثير من البنوك المركزية. Your browser does not support the video tag.