إذا ما كنت تريد أن تفهم كيف يشعر الناس من حولك, فعليك أن تضع جانبا رواية الجريمة المسلوقة وتفتح شيئا من جين أوستن أو ديستويفيسكي. أوضحت دراسات جديدة أن قراءة الخيال الأدبي, بدلا من الخيال الشعبي أو التجاري, يزود الناس بشكل أفضل لمعرفة وفهم الحالات الذهنية الأخرى. وفي تجارب عملية جادة, قرأ المشاركون مقطعا قصيرا ثم أكملوا عددا من المهام بما في ذلك المهمة التي طلب منهم فيها تحديد تعابير الوجه لدى الأشخاص في الصور. وقال الباحثون أن النتائج أولية لكنها بينت أنه عندما يقرأ الأشخاص مقتطفات من المصنفات الأدبية فإن أداءهم يتحسن بشكل مؤقت أكثر مما يكون عليه عندما يقرأون قصصا شعبية أو تجارية. لم يقتصر الموضوع على مجرد المواضيع المقروءة بشكل جيد, على حد قول الباحثين ديفيد كومير كيد وإيمانويل كاستانو من قسم علم النفس في المدرسة الجديدة للبحوث الاجتماعية في نيويورك. يقول كيد :»كان التأثير متشابها» حتى بالنسبة للمواضيع التي لم تتم قراءتها بشكل جيد, «إذا ما تناولوا عملا في الخيال الأدبي وقرأوه, فإنهم سيكونون أكر حساسية وذاتية تجاه الآخرين». ويقول كاستانو أن ذلك يعود في جزء كبير منه إلى حقيقة أن الروائيين الأدبيين يميلون إلى جعل القراء يجتهدون لفهم الشخصيات. «لا يعطي الكاتب للشخصية نمطا مقولبا بالكامل ويسهل فهمه, بل على العكس. فإن كتابا مثل كبرياء وهوى لجين أوستن أو الجريمة والعقاب لفيودور ديستويفيسكي يعطيانك معلومات متناقضة ويظهر لك أن الشخصية تتصرف بطرق لا يسهل تفسيرها, أو على الأقل يمكن تفسيرها بطرق مختلفة. وبهذا, لا يعطيك الصورة الكاملة, ويجبرك كقارئ على المساهمة بتفسيراتك الخاصة, لتعيد تشكيل ذهن الشخصية». إن قراءة الخيال الأدبي لا تطلب من القراء فقط أن يتحدّوا نظرتهم للعالم, وإنما أن يتمثّلوا دور الكاتب في بعض الحالات, في سد الثغرات والبحث عن «المعاني بين مجموعة من المعاني المحتملة». كما يقول كيد وكاستانو. على النقيض من ذلك فإن الخيال الشعبي غالبا ما يضع الشخصيات بطريقة أكثر اكتمالاً, وأكثر مباشرة, لا تترك ذرة شك على سبيل المثال أن الرجل القاسي في الرواية البوليسية المسلوقة يمتلك قلبا من ذهب. تقول الدراسة التي نشرت في مجلة علمية وتشير إلى أن الخيال الأدبي «قد يغير ليس فقط ما تفكر به تجاه الآخرين وإنما الكيفية التي تفعل بها ذلك أيضا». تقول إيما سنايدر المديرة التنفيذية لمؤسسة (PEN/Faulkner) وهي مؤسسة تعليمية تتخذ من واشنطن مقرا لها, أنها تكرم سنويا أفضل رواية أدبية أميركية, وتقول إن النتائج سيتردد صداها بين كتاب الرواية والمعلمين. «إنه أمر تحدث به المعلمون بالتأكيد كما وأنه حقيقة بديهية نشعر بها ونعرفها جميعا, ولكن هذا أمر صعب للغاية». ما يزال كيد وكاستانو متحفظين على النتائج, قائلين أن ثمة حاجة إلى المزيد من البحوث, لكنهما لاحظا أن معايير التعلم الأساسية المشتركة الجديدة التي تم إدخالها في المدارس على الصعيد الوطني تحث المعلمين على التركيز في فصول اللغة الإنجليزية على الجانب الأدبي بقدر المعمول به في الجانب غير الأدبي. ويأمل كيد أن تصبح النتائج الجديدة جزءا من النقاشات الشعبية, ويقول :»لدينا هذه الموارد الحقيقية في متناول أيدينا, وتتوفر في كثير من الأحيان مجانا, وأعتقد أننا كثيرا ما نغفل عنها». Your browser does not support the video tag.