يسعى كثيرٌ من الناس للظفر به، بل هو غاية كثير من البشر، وقد يصل بهم الحال للتكلف، وخسارة الكثير ولا يحصلون عليه، بل قد يضطر من أضاع طريقه لأنواعٍ من المديح، والنفاق الاجتماعي لعل أن يناله فتاتٌ من التقدير، والاحترام ولو كان مُزيفاً. هل هذا الاحترام المنشود صعب المنال فعلاً؟ أو أن الطريق الذي سلكوه خطأ؟! ولا عجب في حرص الناس على التقدير، والاحترام، فهو من الحاجات الضرورية للإنسان، إذ يرى العالمُ النفساني الأميركي (إبراهام ماسلو) في نظريته الحاجات الخمس الضرورية للإنسان في مرحلة الاحترام والتقدير، أن الإنسان يحتاج إلى تقدير، واحترام الآخرين، ويحتاج أن يكون في نظر نفسه مُحترماً يتحلى بالأخلاق الفاضلة. إن محبة الناس، واحترامهم لك سيبقى عصياً عليك، وأنت تُلمِّع نفسك من الخارج، وتترك الداخل خاوياً خَرِباً، وتعتمد في تعاملك مع من حولك على الطريقة النفعية هذه الطريقة قد تكسب من ورائها كل شيء إلا محبة الناس، واحترامهم. وسبر أغوار النفس البشرية مُهم لمعرفة أسباب احترام الناس، وتقديرهم لبعض الشخصيات دون غيرها رغم أنها قد لا تُقدم للناس منافع كثيرة مقارنة بغيرها. وسننطلق من هذه العبارة (احترم نفسك)، فإذا عرفنا معناها، وما يترتب عليها؛ فنحنُ قد ظفرنا بما نُريد؛ فاحترام النفس يندرج تحته الكثير من الصفات، والمعاني الراقية، وتشكل الوعي لديك هو بداية احترامك لنفسك، ومعرفتها معرفة حقيقية خالية من الزيف، والتصنع، والأنا الخادعة التي تخرج من وعاء العُقد، ونقص الثقة. وحين تحترم نفسك ستتصالح معها، وستعرف إيجابياتها، وسلبياتها، وستنأى بها عن كل رذيلة، وسترتفع بها عن كل مُنكر، وستُنزهها عن كل فُحش، وستُبعدها عن كل حرام، وستُحررها من تبعية القطيع لتجعلها حرة مستقلة بأفكارها، وتوجهاتها تستمد كرامتها، وثقتها من خالقها (ولقدْ كرَّمنا بَنِي آدَمَ). وهذه النفس الكريمة حتى وإن زلَّت ستُسامحها، وتغفر لها، وتُعيدها لجادة الصواب لأنك تعرف حقيقتها؛ فهي كأي نفس ليست معصومة عن الخطأ، وهذا جزء من احترامك إياها. وسيظهر ذلك جلياً عليك؛ فاحترامك لنفسك سيجعلك تحترم كل مسؤولياتك، وأولها أُسرتك، وعملك، وستعرف أن قيمتك في تمسكك بدينك، وأخلاقك، وما تُقدمه لمجتمعك، ووطنك، وليس بالمظاهر الزائفة التي تحيط بها نفسك. وسيُنَظِم احترامك لنفسك علاقاتك مع الآخرين؛ فأنت تنطلق من هذه النفس المحترمة التي لا يخرج منها إلا محاسن الصفات، وجميل الكلام. والأهم من هذا كله أن يتطابق قولك؛ بل وفعلك أيضاً مع ما بداخلك من قناعات، ومبادئ؛ لتخرج بنفسٍ مُحترمة تُقدم صورة ذهنية رائعة عنك يراها الناس قبل أن تراها، ويُحبها خالقها قبل أن يُحبها خلقه. Your browser does not support the video tag.