ظهر مصطلح الحرب الباردة في النصف الثاني من القرن العشرين وبالتحديدة في عام 1946 واستمر حتى انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، وكان بين القطب الرأسمالي بقيادة الولاياتالمتحدة الأميركية، والقطب الشيوعي بقيادة الاتحاد السوفيتي، ومن الأسباب التي أدّت إلى ظهورها، الاختلاف الفكري بين المعسكرين الشرقي والغربي، وهدف كل معسكر القضاء على الآخر، وإزالة أفكاره بالعديد من الطرق الممكنة، وفي نفس الوقت تبني بعض الدول الأوروبية للفكر الشيوعي، كما هدفت إلى إحداث أزمات دولية كانتشار العصيان، والاضطرابات السياسية في اليونان، والهند الصينية، السعي للحصول على أسلحة متطورة وخصوصاً الذرية منها، شعور الحكومات الرأسمالية بالقلق، بسبب انتشار الأحزاب الشيوعية في بعض الدول الأروربية والعربية. في هذا التحليل سوف أركز على الحالة العربية خلال الحرب الباردة والتي بدأت، بقيام الضباط الأحرار في مصر بانقلاب عسكري ضد الملك فاروق عام 1952م، كما اشتد الغلو والحقد بين النظام الملكي العراقي والنظام الجمهوري المصري وشهدت المرحلة 1952 و1958 أعتي حرب عربية باردة بين النظامين. اشتعلت حرب الإذاعات والخطابات والأغنيات والأناشيد الحماسية بين العواصم العربية، وبخاصة الأنظمة التي تدّعي أنها ثورية، كان هناك ميشل عفلق يؤطر بأفكاره حزب البعث في كل من بغداد ودمشق وكل منهما لا يقبل بالآخر مع أنهم متشابهون، كان هناك تأميم في القاهرة وعدن والجزائر، كان عنوان هذه المرحلة في الدول العربية الانقلابات العسكرية في الكثير من البلدان العربية، كان هناك حراك للحزب الاشتراكي العربي في عدد من الدول العربية. هذه المرحلة أوجدت نوعاً من تزييف الوعي العربي أنتج عرباً لا يمكن أن يعيشوا إلاّ في وجود الحرب الباردة، كون هذه المرحلة أعطتهم مساحة كبيرة في الإذاعات والتي كانت المصدر شبه الوحيد في تشكيل الوعي العربي. المهم أن الحرب الباردة شكلت وعياً داخل الدول العربية ما زالت الدول والشعوب تعاني من تبعات هذا الوعي الذي لا يساعد على تطور الدول بقدر ما يثير الفتن ويصنع الأزمات، ولنا في ذلك أكبر دليل على الإعلام الذي كان يطبل للربيع العربي وما سوف يقدم للعرب هذا الإعلام بكل تفريعاته ليس إلاّ نتاج فكر عرب الحرب الباردة الذين تنحصر مهمتم في تزييف الوعي العربي، وإذا أردت نموذجاً للأشخاص فلك أن تتابع تحليلات من تستضيفهم قناة الجزيرة، وترى هل هؤلاء يعيشون معنا على هذا الكوكب، ويعيشون نفس التغيرات التي تمر بها العلاقات الدولية. في الختام.. كلما عرفنا قدر نعمة الوعي والإدراك السليم، وعرفنا حجم قوتنا وتأثيرها على الساحة الدولية، وعرفنا الحقائق كما هي وليس مزيفة، اتضح لنا خطورة السير خلف رسائل سياسية إعلامية، تنتجها "آلة الكذب" المناهضة لأي اصطفاف عربي، ولعل ذلك يتضح مما صاحب قمة إسطنبول من تحليلات حقبة الحرب الباردة التي تراها في فكر وتحليل عبدالباري عطوان ومن يمضي على شاكلته، وإعلاميي قناة الجزيرة الذين لا يهمهم سوى التفريق، كونهم المستفيدين من استمرار الأزمة الخليجية الحالية. Your browser does not support the video tag.