في العام 1979م استطاع الحراك الشعبي في إيران أن يقول كلمته علماً أن هذا الحراك قد بدأ قبل ذلك بعشر سنوات، فما حدث في العام 1979م هو نتاج لحراك شعبي امتد لسنوات منذ انقلاب مصدق إلا أنه في سبعينات القرن الماضي أخذ هذا الحراك طابع الاستمرارية، وكانت أجهزة المخابرات العالمية الغربية تراقب هذا الحراك عن كثب خصوصاً أن قاداته وناشطيه هم من حزب توده (الحزب الشيوعي الإيراني) فخشي الغرب وعلى رأسه أميركا أن يصل هذا الحزب إلى سدة الحكم في إيران مما يعني وصول الاتحاد السوفييتي إلى مياه الخليج العربي، ولعدم وجود قيادة يرضاها الغرب لهذا الحراك الشعبي في إيران كان الغرب يساعد محمد رضا بهلوي بشكل محدود ومقنن للمد بعمره حتى العثور على قيادة يلتف حولها الشعب الإيراني، فبرز نجم عالم دين مفوه يتناقل الشعب الإيراني أشرطته وتداولها وأعني هنا الخميني. استدعي الخميني إلى فرنسا وصنع منه إعلامياً شخصاً مخلصاً مهدياً لا لإيران فحسب وإنما للبشرية جمعاء بحيث عملت معه إحدى الصحف الفرنسية المهمة (لوموند) ما يقرب من أربع مئة مادة صحفية.. كان الخميني في إيران شخصية راديكالية عنيف النزعة وكان يؤدي دروساً في الوعظ والإرشاد لا تخلو من التحريض على الفوضى ولم يكن هذا الرجل في فترة وجوده في إيران أو في العراق من العلماء المرضي عنهم بين كبار العلماء وذلك لتطرفه نحو العنف وفتوى الإرهاب التي أفتى بها بعض الجماعات الإرهابية في إيران، وكانت الحال كذلك حال خروجه إلى العراق وبقائه فيها إلى أواخر العام 1978م، لم يكن اتباعه من الذين يشاركون في التظاهرات يمثلون رقماً مهماً في الحراك الشعبي بل كانوا قلة محدودة إلا أنها تمثل شكلاً من أشكال التنوع المذهبي والعرقي في الحراك الشعبي، وكانوا أحياناً يرفعون صور الخميني ولأن الوضع في إيران تحت حكم الشاه الضعيف كان يمثل تهديداً ضاغطاً للمصالح الغربية؛ استدعي الخميني إلى فرنسا وصنع منه إعلامياً شخصاً مخلصاً مهدياً لا لإيران فحسب وإنما للبشرية جمعاء بحيث عملت معه إحدى الصحف الفرنسية المهمة (لوموند) ما يقرب من أربع مئة مادة صحفية، وكانت محطة الإذاعة البريطانية البي بي سي الفارسي تبث خطبه ودروس الخميني. المهم أن هذا الرجل قد صنع منه شخصاً مخلصاً بحيث إن الحراك الشعبي في إيران أصبح يرفع صور الخميني جهاراً وبمجرد عودته (أي الخميني) إلى إيران رتب أولوياته في التخلص من رجالات السلطة السابقة من ساسة وعسكريين ومفكرين، ثم وبعد سنتين تخلص من شركائه في الحراك الشعبي من قوميين ويساريين وتقدميين ولم يبق معه حال صياغته لدستور الأمة إلا من كان يؤمن بنظرية ولاية الفقيه، ثم قام حراك شعبي في إيران في الألفية الجديدة من داخل المؤسسة الدينية الحاكمة وأطلق عليهم وقتها التيار الإصلاحي، وهذا التيار بالرغم من إيمانه بولاية الفقيه إلا أنه لم يستطع أن يقف حيال الفساد والفقر والبطالة التي عمت البلد صامتاً؛ فتبنى خطاً إصلاحياً ينهض بفكرة الولي الفقيه ويساعد على استمرارها إلا أنه اصطدم بتيار متشدد ومتعجرف يتزعمه مرشد الثورة علي خامنئي شخصياً مما أدى إلى صعود المتطرفين من داخل النظام وقمع التيار الإصلاحي بشتى الصور المتمثلة في النبذ والتهميش والقمع والتشهير بالفساد وما نشهده هذه الأيام من حراك شعبي قد تعدت مطالبه من الإصلاح الشكلي داخل النظام إلى المطالبة بإسقاط منصب مرشد الثورة أو الولي الفقيه، وإلى مطالبات جديدة على الشارع الإيراني منذ العام 1979م مما يعني أن الشعب الإيراني لم يعد قادراً على التعايش بهذه الصورة معتزلاً ومنبوذاً فحالات الفقر والبطالة والنبذ لفئات معينة من الشعب لا تؤمن بفكرة الولي الفقيه صنعت حالة من الرفض الجمعي لنظام الولي الفقيه، ولا شك أن الحرس الثوري سوف يستعمل ضد هذا الحراك قبضته الحديدية المتمثلة في افتعال العنف والفوضى والذي قد يصل إلى إحراق مساجد وحسينيات لكي يعطي لنفسه مبرراً للقمع والقتل والاعتقال القسري وهو سلوك معروف للحرس الثوري قد شهدناه في العراق فقد كان يفجر في مساجد الشيعة وحسينياتهم لكي يلصق هذا السلوك بسنة العراق مما يعطي شيعة العراق مبرراً للقتل والتنكيل. Your browser does not support the video tag.