تقدير المكانة لأمير أو وزير أو حتى مواطن بسيط محفوظة بواجب التكريم الإلهي، والكرامة الإنسانية، والمساواة الاجتماعية، ولكن هذا التقدير لا يعني الاستثناء لأحد أمام النظام، أو السكوت على التجاوزات بدافع المنصب والاسم، أو استغلال النفوذ لتمرير ما هو مرفوض؛ فالجميع سواسية في الحقوق والواجبات. القبض على 11 أميراً تجمهروا في قصر الحكم للمطالبة بإلغاء الأمر الملكي الذي ينص على إيقاف سداد فواتير المياه والكهرباء عن الأمراء، والتعويض المادي المجزي في الحكم الصادر بالقصاص من أحد أبناء عمومتهم؛ هو تأكيد على سياسة الحزم التي انتهجها الملك سلمان في إدارة شؤون الحكم، وتطبيق العدل، والمساواة بين أبناء شعبه، فلا كبير ولا صغير أمام النظام، وهو تذكير بالنهج الذي سار عليه الملك عبدالعزيز –رحمه الله-؛ حين كان يوحد شتات الأرض والإنسان على ذات المبدأ الذي يلتزم به اليوم ابنه الملك سلمان وحفيده الأمير محمد بن سلمان. الدولة تشرع أبوابها من الملك إلى أصغر مسؤول فيها، وللمواطن الحق في تقديم وجهة نظره، أو مطالبته، أو مقترحه من دون الحاجة إلى جمهرة واستعراض قوة، أو إثارة فوضى، أو تأزيم الرأي العام، أو حتى السماح للإعلام المضاد أن يخترق تحصينات المجتمع في وحدته وأمنه واستقراره من أجل أن يتناقل ردات فعل أحادية لا تعبّر عن سلوك مجتمع. الأمراء المتجمهرون أخطأوا في السلوك ورمزية المكان الذي تواجدوا فيه، وتجاوزوا في مطالبهم سقف حريتهم، وهامش تقديرهم لمطالب غير مستساغة شرعاً ونظاماً، ورغم الإيضاحات المقدمة لهم ومحاولة تهدئتهم، إلاّ أن إصرارهم على موقفهم كان يتطلب تدخلاً سريعاً من قوات «السيف الأجرب» لتسوية الموقف، وإنهاء فوضى جمهرتهم، وإعادة هيبة الدولة ومكانتها في حفظ الأمن وتطبيق النظام. بيان النائب العام كان واضحاً في تفاصيل الحادثة وما ترتب عليها من إجراءات نظامية بسجنهم ومحاكمتهم، وواضح أيضاً في منع تكرارها، أو التساهل معها، أو الاستثناء فيها تحت بند «كائناً من كان»، لذا كان على الأمراء قبل غيرهم أن يدركوا سياسة الحزم التي تنتهجها الدولة اليوم، ويستشعروا مكانتهم وتقديرهم كقدوة لغيرهم، ولكن مهما كان وما سيكون سيبقون مواطنين لهم كامل الاحترام، والحقوق، وهي رسالة لهم ولغيرهم من أن الوطن أكبر من الجميع، وقيادته فيها من الحكمة ما تغلب فيه المصلحة على أي شيء آخر. Your browser does not support the video tag.