تؤكد سياقات الأحداث على هذه الأرض الطيبة، أن قواعد المساواة والعدل هي الحاكم الرئيس لمجمل القرارات خاصة تلك التي تتعلق بالمواطن أياً كان موقعه أو منصبه، وأن هذه الدولة التي تأسست على الشرع الحنيف، لا يمكن أبداً أن تتخاذل أو تتنازل في الحقوق وتحديداً الشخصية، وأن الجميع أمام مفهوم العدالة سواء وسواسية. ولهذا، لم يكن غريباً أن يتفاعل ملك الحزم والعزم، سلمان بن عبدالعزيز، مع القضية التي شغلت الرأي العام قبل أيام، وانتشرت مقاطعها على وسائل التواصل الاجتماعي، وأصدر توجيهاته بالقبض الفوري على جميع المعتدين، وإيداعهم السجن الذين ظهروا في المقاطع المشينة، لما فيها من تجاوزات وانتهاكات تستوجب العقوبة المغلظة، والتحقيق معهم في كل الجنايات التي ارتكبوها، وسماع شهادات المتضررين والمعتدى عليهم لإنصافهم وحفظ حقوقهم. الأمر الملكي، الذي شدد أيضاً على عدم الإفراج عن أي فرد من هؤلاء المتورطين، حتى يصدر بحقهم الحكم الشرعي، والرفع به للمقام السامي لاتخاذ القرار الرادع والحازم منعًا لكل سلوك منحرف، وصيانة لأمن الوطن، وحماية لحقوق كل مواطن ومقيم، ومنعًا للظلم والتجبر والأذى والإساءة والتعدي تطبيقًا للشرع العادل، والتزامًا أصيلاً به، وردعًا لأي تجاوز أو انتهاك من أي شخص مهما كانت صفته أو وضعه أو مكانته. هذا كله، يضعنا في موقف الفخر، بأننا أمام نموذج قيادي لا تأخذه في الحق لومة لائم، ولا ينحاز إلا للحق، ولا يعرف مجاملات، لأنه من يقود المنظومة التي تأسست على قواعد العدل والمساواة، وبالتالي هو رسالة للجميع بالداخل والخارج، بأن هذا البلد لا يسمح بأي تجاوز أو استغلال لنفوذ أو مكانة أو اسم، وأننا جميعاً حكاماً ومحكومين نرضخ لحكم الشرع الشريف مهما كانت قسوته ونتيجته. وأن هذا الحكم الشرعي لا يفرق بين "أمير" و"خفير" أو بين "وزير" و"مقيم".. وربما كان حكم القصاص من أحد الأمراء قبل أشهر مثالاً واضحاً لعدم التفرقة أو الاستثناء أو الواسطة. من هنا، كانت الإضافة المهمة في القرار الملكي، هي تلك التي تتعلق بالتوجيه الكريم برصد ومتابعة أي مخالفات أو تجاوزات أو تعديات تستغل المكانة أو النفوذ، أو تتجاوز الأنظمة والضوابط، والإبلاغ عنها للقبض على القائمين بها، وتحويلهم للمحاكمة مباشرة، وتطبيق الشرع بحقهم.. لتكون عنواناً عريضاً يجسد القيمة الكبرى لهذا الوطن، والحكمة الرائعة للقيادة الغرّاء، والتي تبعث اطمئناناً شديداً بأن دولة الحزم والعزم، لا تتسامح أبداً في الحقوق، وأن لا أحد - مهما كان - فوق الشرع أو القانون.