من يطلع على الحراك المتسارع في سياسة المملكة الداخلية والخارجية يدرك أن الصورة النمطية والسائدة عن المملكة في فترات سابقة قد بدأت تتغير وتأخذ منحى الجدية والتطوير والبعد عن التقليدية ومسايرة الدولة المتقدمة بل ومنافستها في مختلف الجوانب العلمية والثقافية والاقتصادية والسياسية، مما أكسب المملكة مكانة مؤثرة على مختلف الأصعدة وجعل الكثير من الدول تسعى إلى توطيد علاقتها مع المملكة وكسب ودها، ولا شك أن هذا لم يتحقق لولا سياسة الإصلاح التي تشهدها المملكة والتي حمل لواءها خادم الحرمين، وقادها بكل اقتدار واحترافية وإبداع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. لقد استطاع ولي العهد أن يتخذ خطوات جريئة وعاجلة من أجل معالجة الكثير من الجوانب والتي تقف عائقًا أمام التقدم الذي لا يمكن أن يتحقق إلا في إصلاحها وفق استراتيجية واضحة وخطوات تنفيذية محددة المعالم، وهذا ما جعل صناع القرار في العالم يتفقون على أنه يمتلك عقلية فذة وقدرات هائلة تمكنه من بناء مستقبل زاهر للمملكة وفق رؤية اقتصادية كبيرة ستسهم – بإذن الله تعالى - في النهوض بالمملكة اقتصاديًا واجتماعيًا وتعليميًا وثقافيًا. إن سياسة التصحيح التي يقودها ولي العهد تتطلب منا جميعًا كمواطنين أن نقف جنبًا إلى جنب مع تلك السياسة بل وأن ندعهما بكل ما نملك ولا سيما أن المجتمع هو المعني والمقصود بهذا التغيير والذي ستكون له آثاره الإيجابية إن ساهمنا جميعًا في دعمها ومواكبتها على مستوى الأفراد أو المؤسسات، فكل المؤشرات تؤكد أن المملكة إذا ما نفذت خططها المرسومة للإصلاح فإنها ستحدث تغييرًا بارزًا على مختلف الأصعدة وأن المواطنين سيجنون في المستقبل القريب عوائد وفوائد تلك الإصلاحيات بعيدًا عن إرجاف المرجفين، ودعاوى المخذلين. إن التأخر أو التخاذل في تنفيذ تلك الإصلاحيات سيكون له آثاره السلبية التي لا يمكن تداركها مع تقدم الزمن، ومن هنا فإن الخطوات التي اتخذتها المملكة في التعجيل من تلك الإصلاحات سيجنبها الآثار السلبية المحتملة مع مرور الزمن، بل سيكون رافدًا مهمًا من روافد تحقيق الاستقرار الاقتصادي للمملكة، في ظل تقلب أسعار المصدر الوحيد الذي تعتمد عليه المملكة في مدخولاتها وهو النفط، والذي أثر بصورة كبيرة على واقع التنمية في المملكة، وأصبح التخطيط الاقتصادي غير واضح المعالم مع تقلبات أسعار النفط، وأصبح تنفيذ المشروعات مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بتحسن أسعار النفط، مما جعل خططنا مبنية على ردات فعل لهذه التغييرات أكثر من ارتباطها بخطط التنمية. إن سياسة الإصلاح التي رسمها ولي العهد ستسهم بشكل كبير في تحقيق الاستدامة الاقتصادية مما سيعود أثرها على ازدهار الوطن ورفاهية والمواطن، وقد بدأنا ولله الحمد نجني بوادر تلك الإصلاحات من خلال ميزانية الخير التي أعلن عنها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والتي تعد أكبر ميزانية في تاريخ المملكة على الرغم من تراجع أسعار النفط، والتي ستفتح الباب واسعًا أمام الاستثمارات المحلية والعالمية وفق آليات محددة وجديدة في تاريخ المملكة، كما تستهدف رفع وتطوير الخدمات الحكومية وتعزيز كفاءة الإنفاق والشفافية لتحوز رضا المواطنين والمواطنات، مع محاربة الفساد والمحافظة على المال العام. حفظ الله مملكتنا الغالية وقيادتنا الرشيدة وشعبها الوفي.