أفردت الصحف العالمية والمواقع الإلكترونية المتخصصة مساحات واسعة للتحدث عن ميزانية المملكة للعام 2017م، نظرا لما يمثله اقتصاد المملكة من ثقل إقليمي ودولي يعد لاعبا أساسيا في منظومة اقتصاد مجموعة ال20. واتفقت كل وسائل الإعلام على أن المملكة اتخذت خطوات عملية ومدروسة نحو تنويع مصادر الدخل بعيدا عن سياسة الاعتماد على النفط، الذي أربك حسابات كثير من الدول بسبب تدني أسعاره لفترة طويلة، وهو ما كبد كثيراً من الدول المنتجة للنفط خسائر كبيرة. وكان لافتا تشابه كثير من عناوين الصحف عند تناولها موضوع الميزانية، حيث كان التركيز على «انخفاض العجز وزيادة الإنفاق»، وهو مؤشر على وجود تحسن في المسار بعد الإصلاحات الاقتصادية التي نفذتها المملكة خلال العام 2016. وقالت صحيفة «إندبندينت» البريطانية تحت عنوان «تتوقع عجزا 53 مليار دولار في ميزانية .. المملكة تبتعد عن النفط»، إن المملكة أعلنت عن أول نظرة مفصلة على خطة طويلة الأجل لتعزيز الاقتصاد والحد من الاعتماد الكبير على النفط، من خلال تعزيز عائدات الصناعات غير النفطية إلى 50%. مشيرة إلى أن هذه الميزانية والخطط المعلن عنها من شأنها طمأنة المستثمرين الأجانب بقدرة المملكة على التعامل مع متغيرات أسعار النفط الهابطة. ولفتت الصحيفة إلى ما قاله خادم الحرمين الشريفين في معرض حديثه عن الميزانية، أنها جاءت في وقت يشهد فيه العالم تباطؤا في النمو الاقتصادي العالمي وانخفاض أسعار النفط التي أثرت على المملكة. كما أشارت إلى التدابير السابقة التي اتخذتها الحكومة في إطار الإصلاحات المالية. وتحت عنوان «المملكة تزيد الإنفاق بعد انكماش عجز الموازنة» قالت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية إن المملكة تعتزم زيادة الإنفاق في عام 2017 لتحفيز النمو الاقتصادي، بعد أن ساعدت إجراءات التقشف التي اتخذتها في تقليص العجز في ميزانيتها لعام 2016، حيث ستستمر المملكة في الحد من الاعتماد على النفط من خلال تفعيل دور القطاع الخاص. وأضافت أن إعلان الميزانية يتوج عاما اقتصاديا مؤلما على المملكة التي تكافح لكبح العجز العام الناجم عن أكثر من عامين من تدني أسعار النفط وتباطؤ الاقتصاد. إلا أن هناك مؤشرات على أن سياسات التقشف التي اتخذتها سابقا قد بدأت تؤتي ثمارها، فالعجز تقلص في 2016 إلى 297 مليار ريال بعد أن كان 366 مليارا في 2015. وتأمل الحكومة أن تحقق التوازن اللازم بحلول 2020. ولفتت الصحيفة أن تراجع العجز دليل مؤشر مبكر على أن الإصلاحات الاقتصادية الطموحة نجحت في التعامل مع النفط الرخيص، وأن هذا التقدم يسمح للحكومة أن تنتقل إلى خيارات أخرى لتوليد مزيد من الإيرادات من مصادر غير نفطية وتسريع وتيرة النمو في القطاع الخاص. ونقلت الصحيفة على لسان مدير البحوث في مركز الخليج للأبحاث ومقره الرياض جون سفاكياناكيس: «إنهم يرسلون رسالة مفادها أنهم بصدد إعادة النمو، والثقة، وخلق الحوافز للقطاع الخاص». صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أيضا أفردت حيزا للحديث عن الميزانية وقالت تحت عنوان «السعودية تعلن ميزانية 2017 مع زيادة الإنفاق»، إن الملك سلمان بن عبدالعزيز أكد خلال الإعلان عن الميزانية أن المملكة ورغم «الظروف الاقتصادية المضطربة جدا» لديها ما يكفي من القوة لمواجهة التحديات الاقتصادية. ولفتت الصحيفة إلى أن المملكة خفضت إنفاقها العام الماضي، بسبب تراجع أسعار النفط، المحرك الاقتصادي الرئيسي لاقتصادها، الذي تلامس أسعاره 55 دولارا للبرميل بعد تراجعها إلى أدنى مستوى في 13 عاما في فبراير الماضي. مشيرا إلى ما قاله وزير الطاقة المهندس خالد الفالح من أنه لن يكون هناك رفع تدريجي لدعم الوقود الذي سيحل محله مدفوعات نقدية للمواطنين. كما تناولت صحيفة « ذا جورنال» الأمريكية إعلان المملكة لميزانية 2017، تحت عنوان «المملكة تعلن ميزانية 2017 مع مزيد من الإنفاق». وتحدثت عن كلمة الملك سلمان بن عبدالعزيز أمام مجلس الوزراء التي أكد فيها متانة الاقتصاد السعودي وقدرته على التعامل مع كافة المتغيرات والتحديات. أما صحيفة «جارديان» البريطانية فقالت تحت عنوان «السعودية تكشف عن خطط لتقليص 98 مليار دولار من العجز في الميزانية»، إن المملكة أعلنت عن خطط لخفض الإنفاق الحكومي وإصلاح أوضاعها المالية بعد تراجع أسعار النفط الذي تسبب في عجز ميزانيتها السنوية ما يقرب من 98 مليار دولار، لافتة إلى أن تأكيد وزارة المالية أنها ستعيد النظر في المشاريع الحكومية لجعلها أكثر كفاءة والتأكد من أنها كانت ضرورية وبأسعار معقولة. وذكرت أن المملكة بنت خططها الاقتصادية دون أن تعول على انتعاش كبير لأسعار النفط في أي وقت قريب، بل تحسبت استمرار انخفاض الأسعار لوقت طويل. مشيرة إلى أن الخطط أيضا تهدف إلى الحفاظ على ثقة الأسواق المالية في الرياض. ولم تخلتف كثير من الصحف الأخرى والمواقع التي تناولت الموضوع عما ذهبت إليه الصحف أعلاها في تحليلها وسردها إعلان المملكة للميزانية، حيث كان الحديث منصبا عن نجاح الخطط الإصلاحية المالية واستعداد المملكة لانخفاض طويل في أسعار النفط، والحصول على مصادر جديدة للدخل، مع العمل على حماية المواطن من أي آثار جانبية قد تلحقه جراء العجز المتوقع أو أي إصلاحات يجري تنفيذها.