أظهرت مظاهرات إيران للعالم العديد من الحقائق التي يحاول نظام الملالي تغطيتها وفي أحيان كثيرة تجاهلها وعدم الاعتراف بها. أهمل النظام الإيراني الشعب وضرب به عرض الحائط، معتقداً أنه يسيطر عليه ولا يمكنه الخروج عن طوعه، لأن مصيره سيكون إلى الموت إذا فكر في ذلك، غير أن القمع والفقر والكبت والبطالة جعلت الموت والحياة يتساويان عند الشعب الإيراني، فخرج وهو مصمم على مواجهة الموت من أجل التغيير والإطاحة بنظام مستبد وقمعي، لا يهتم إلا لنفسه ولا يراعي إلا مصالحه. هذه الإرادة من الشعب أرسلت العديد من الرسائل القوية والفعالة التي هزت حكام إيران، وجعلتهم يدركون أن التمسح بالدين والقداسة المذهبية والحصانة الحوزية لم تعد تجدي نفعاً مع شعب عانى الأمرين وتجرع كأس الذل والمهانة. شهدت المظاهرات لأول مرة دعوات للإطاحة بالمرشد الأعلى، إضافة إلى هتافات ضد الرئيس الإيراني حسن روحاني. وخرجت المظاهرات من مدن تحتضن النظام وكانت تؤيده وتقف إلى جانبه، ولم تخرج من مدن معارضة، كما يدعي البعض، فهي ثورة داخلية، وجاءت نتاجاً لافتقاد الإيرانيين لمقومات الحياة الكريمة، وليس للمملكة دور في تأجيج هذه الثورة، التي تعبر عن مصاعب اقتصادية، وعن عدم رضى الشعب عن تدخل إيران في دول كثيرة، بما يجعل الإيراني منبوذاً أو مشكوكاً به من جواره العربي والإسلامي، وفي العالم، ومعزولاً حيثما ولى وجهه، غير أن إيران تستثمر فكرة المؤامرة الخارجية من أجل إسكات الإيرانيين، ومنع احتجاجهم على سياسات النظام. وفيما تنفق إيران مليارات الدولارات على حروبها في الخارج، يعيش الإيرانيون وضعاً اقتصادياً سيئاً، فهناك 11 مليون مواطن مهمش، وأكثر من مليون ونصف المليون إيراني مدمن للمخدرات، ووفقاً لبعض التقديرات، تصل ديون إيران الدولية إلى 18 مليار دولار، والتزامات مستورداتها تصل إلى 24 مليار دولار، وموجوداتها في المصارف الأجنبية تصل إلى 50 مليار دولار تقريباً، وهذا يعني أن الاقتصاد الإيراني يواجه مصاعب كبيرة، لم يخفف منها الاتفاق النووي. ويتستر رجال الدين في إيران على الاحتجاجات، بسبب مكاسبهم ونفوذهم، لكن هناك أصوات بدأت بالخروج والتحذير من ممارسات النظام، فيما تعتبر إيران من بين دول قليلة في العالم، تمنع وسائل التواصل الاجتماعي، مما يؤشر على خوفها من تنظيم الإيرانيين لأنفسهم ضد النظام، عبر هذه الوسائل، ولخنق حرية التعبير، إضافة إلى قطع الإنترنت في حالات كثيرة، تحوطاً من نشر أخبار المظاهرات. وغير مستغرب القمع الدموي للمتظاهرين، ففي سجون إيران أكثر من 600 ألف سجين.