في أي قطاع اقتصادي تؤثّر العديد من العوامل البيئية على جريان عمل المنشآت بشكل مباشر أو غير مباشر. وتشمل هذه العوامل عوامل البيئتين الخارجية والداخلية. حيث تشمل العوامل الخارجية: مستوى المنافسة، التغيير في التشريعات الحكومية، الاستقرار الاقتصادي، التغيّر في التكنولوجيا أو التغييرات السياسية. فيما تشمل العوامل الداخلية: الموارد البشرية، الهيكل التنظيمي، الموارد المالية والمادية، إستراتيجية المنشأة. ومهما كانت العوامل البيئية السائدة فإن لها تأثيرًا كبيرًا على الأنشطة القائمة في بيئة العمل، وعلى سلوك الموظفين. حيث قد تؤدي إلى اتخاذ الإدارة العليا قرارات بتخفيض التكاليف، وإعادة هيكلة المشاريع أو إغلاقها، وتسريح الموظفين. ونتيجة لذلك تحدث لدى الموظفين مقاومة للتغيير. ويعود ذلك إلى الخوف من المجهول وفقدان الأمان الوظيفي والتغير في المسؤوليات الوظيفية أو فقدان الثقة في الإدارة العليا. ويتأثّر الموظفون بسبب هذه العوامل معنوياً ونفسياً، ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى الالتزامات الأسريّة والمالية التي ينبغي عليهم التعامل معها. وذلك يعني أن أي مشاعر تهديد لدى الموظفين ستحفز مقاومتهم للتغيير. كما قد يؤدّي هذا -في بعض الحالات- إلى سلوكيات سلبية في وسط العمل، ونزاعات بين الموظفين، وانخفاض الأداء في خدمات العملاء، وتشكيل المجموعات غير الرسمية، وانخفاض مستوى المبادرة، إضافة لمحاولة الموظفين أن يثبتوا للإدارة العليا أن هذا التغيير سيضر بالمنشأة. يأتي هنا دور الإدارة العليا أن تعمل على تخفيض مستوى مقاومة الموظفين للتغيير، وذلك من خلال انتهاج الشفافية وفتح قنوات اتصال صريحة مع الموظفين. حيث يسمح هذا بالنقاشات حول إستراتيجية المنشأة الجديدة والتأثير المحتمل لهذا التغيير. ومن جانب آخر يساعد الموظفين معرفة الفوائد أو الفرص التي ستتحقق لهم بعد الفترة الانتقالية. ونتيجة لذلك سيكون هناك انخفاض في مستوى الريبة من التغيير وبالتالي وضوح الرؤية الجديدة للمنشأة. وتتمثل أحد الطرق الأنجح المستخدمة لخفض مقاومة الموظفين للتغيير في المنشأة في جعلهم شركاء في التغيير لا أن يكونوا نتيجة للتغيير، والسماح لهم بالانخراط في المرحلة الانتقالية، لأنهم أهم أصول المنشأة والعامل الرئيس لنجاحها، فهم من يدير العمليات اليومية وعلى اطلاع تام على التحديات أو الفرص الممكنة، فبمقدورهم تقديم أفكار مذهلة للإدارة العليا حول كيفية ربط الرؤية الجديدة للمنشأة بأنشطتهم اليومية أو عرض التحديات المحتملة، ونتيجة لذلك سيرتفع مستوى انتماء الموظفين للمنشأة والاحتفاظ بهم لأنهم أصبحوا جزءاً من المنظومة. ومن أهم عوامل تخفيض مستوى مقاومة الموظفين للتغيير دعمهم بالتدريب والتطوير الممنهج والموجّه لبناء المهارات المطلوبة لدى الموظفين بناءً على إستراتيجية المنشأة حتى يتحقق الاستثمار الفعال في رأس المال البشري، وكذلك توفير التوجيه والإرشاد المهني لتهيئتهم معنوياً ونفسياً للاندماج في الرؤية الجديدة للمنشأة، مما يؤدي إلى تجسير الفجوة بين مهاراتهم وقدراتهم الحالية مقابل ماهو متوقع منهم مستقبلاً. وبدون تفعيل مشاركة الموظفين وانخراطهم في مشروع التغيير سيصعب على الإدارة العليا ضمان تحقق نجاح إستراتجيتها في ظل وجود ثقافة سائدة بين الموظفين بالرفض أو المقاومة.. تستطيع أفضل المنشآت الحصول على الموارد اللازمة لتنفيذ إستراتيجيتها كالتكنولوجيا والموارد المالية والمادية ولكن رأس المال البشري يبقى سر نجاح هذه المعادلة.