اكتسب الموقف الخليجي والعربي قوة كبيرة منذ توحدت كلمة المملكة والإمارات على التصدي بحزم وقوة للأخطار التي تواجه المنطقة، وكان لازماً قبل مواجهة مؤامرات الخارج وألاعيبه "تنظيف" البيت الخليجي نفسه من الداخل، ونزع الخنجر الذي كان جاهزاً على الدوام للطعن في الظهر، واستخدام كل الوسائل من أجل بث الفتنة وزرع الشقاق لإضعاف البيت الخليجي وتمزيق كلمته. وصل التنسيق السعودي الإماراتي ذروته مع الإعلان عن "لجنة التعاون المشترك" بين البلدين، وسأركز هنا على المجال الإعلامي الذي يعد من أهم الأسلحة في المواجهات المصيرية التي تشهدها المنطقة. لقد أدركت المملكة والإمارات أهمية الإعلام في المرحلة الحالية، ولذا فقد بدأتا بالاهتمام بتقوية المؤسسات الإعلامية القائمة، وإنشاء مؤسسات ومنصات إعلامية فاعلة لمواجهة حملات التضليل والتشكيك وتزييف الحقائق مارستها جهات خليجية وعربية وأجنبية. وينبغي الاعتراف بأن البلدين قد تأخراً في اتخاذ الخطوات المؤثرة في هذا الصدد، وتركا الساحة سنوات أمام إعلام خبيث حركته بشكل أساسي قطر وذيولها، والقوى الإقليمية الطامعة، عن طريق وكلاء نشطوا بقوة في العالم العربي من خلال الإعلام، وأنتجوا وعياً مُشوَّهاً لدى الجمهور العربي، وأذكوا عناصر الفُرقة وإضعاف الثقة بالمؤسسات والدول لتسهيل اختراقها والسيطرة عليها. لا بد من الاعتراف بأننا تأخرنا، لكن الحق أيضاً أن دخول المملكة والإمارات على خط المواجهة أحدث تحولاً جذرياً في المعادلة الإعلامية التي سيطر عليها دعاة الشر والفتنة زمناً؛ فقد نجحت الإستراتيجيات الإعلامية التي وضعتها المملكة والإمارات في تحييد الخلايا الإعلامية الخبيثة التي نهشت العقل العربي لسنوات، وأبطلت كيد الكائدين، بما امتلكت من رؤية وقدرة على وضع الخطط، والاعتماد على أفضل الكفاءات في إيصال رسالة الحقيقة إلى المتلقي، ومساعدته على رؤية الأمور على حقيقتها، لتكون أحكامه مبنية على فهم حقيقي لما يشهده العالم من حوله. الإعلام السعودي والإماراتي اليوم يحتل الواجهة، ويمتلك الموثوقية والصدقية لدى الجمهور العربي، ويلجأ إليه الناس من المحيط إلى الخليج لمعرفة الحقائق بعد أن تهاوت "الجزيرة" وشقيقاتها وأصبحت رمزاً للكذب والتحريف، برغم مليارات الدولارات التي تُنفقها قطر ومُشغِّلوها على كيانات إعلامية ضخمة، وبرغم تغول مليشيات إيران وأبواقها الإعلامية، وبرغم الامتداد الخبيث لعصابات الإخوان المسلمين في الدول العربية، وتاريخهم الطويل في استخدام الإعلام سلاحاً لتحقيق أغراضهم الخبيثة، والتجارة بالقضايا الوطنية ودغدغة الغرائز والمشاعر لتمرير الرسائل السامة. النجاح الإعلامي السعودي الإماراتي يتبدى في قنوات تلفزيونية مؤثرة عربياً، إلى جانب عشرات الصحف الورقية والإلكترونية، والمواقع الإخبارية، والمراكز الإعلامية في الدولتين، وحتى وسائل التواصل الاجتماعي تشهد نشاطاً مكثفاً يشارك فيه المواطنون السعوديون والإماراتيون بدور مشهور في التصدي للأكاذيب ودحرها. وقد شملت الإستراتيجيات الإعلامية السعودية والإماراتية مجالات للمنافسة كانت منصات الفتنة تتسلل من خلالها، مثل الإعلام الرياضي والترفيهي والثقافي، كما شملت أيضاً وسائل وقنوات ناطقة بلغات مختلفة، على رأسها اللغة الإنجليزية، لتكتمل بذلك منظومة قوية تقذف بالحق على الباطل فتدمغه. إن التحالف الإستراتيجي السعودي الإماراتي، سيكون داعماً أساسياً للنجاح الإعلامي في البلدين، ومن شأن رفع مستوى التنسيق أن يحقق قفزة هائلة إلى الأمام في استدامة التفوق الإعلامي للبلدين وتعزيزه، والقضاء على كل محاولات إعلام الفتنة للخروج من النفق المظلم الذي يتخبط فيه الآن. إن هناك مجالات كثيرة للتعاون السعودي الإماراتي، ويلزم أن يحتل التعاون والتنسيق الإعلامي مكانه في الجهود التي يبذلها البلدان من أجل قيادة المنطقة والعالم العربي إلى شاطئ آمن، ونحن واثقون أن القيادة في البلدين تدرك جيداً متطلبات المرحلة، وأن الجانب الإعلامي سيكون في صدارة الملفات التي ستشهد تطوراً ملموساً، ونتوقع أن تشهد الأيام القادمة خطوات كبيرة على هذا الطريق. * إعلامي وكاتب إماراتي