تترقب الأوساط الاقتصادية والاجتماعية صدور ميزانية المملكة غدا، حيث تتجه الأنظار إلى التغييرات التي ستحملها الميزانية الجديدة بعد تصريحات وزير المالية، بأنها الجديدة ستكون ميزانية توسعية، وبعد تمديد برنامج التوازن المالي إلى العام 2023 نتيجة تأثر الاقتصاد المحلى ببرنامج الترشيد في الإنفاق خلال العامين الماضيين، حيث ظهر ذلك في مؤشرات التضخم التي سجلت نموا سلبيا خلال العام 2017، كذلك زيادة نسبة البطالة، ولذلك صدر أمر خادم الحرمين الملك سلمان -حفظه الله- بتخصيص مبلغ 200 مليار ريال، لتحفيز القطاع الخاص خلال 4 سنوات منها 72 مليار ريال، تم رصدها للعام 2018. وفي هذا الإطار، يقول المحلل المالي حسين بن حمد الرقيب، :إن تلك الأرقام تعطي مؤشرات بأن الدولة قد تتخلى عن برنامج ترشيد الإنفاق وتتبنى برنامج كفاءة الإنفاق، وبالتالي فمن المتوقع زيادة في الإنفاق خلال السنوات القادمة، لكنه سيكون إنفاق مقنن يتجه إلى قنوات محددة ومدروسة بعناية فائقة، وكما هو معلوم أن أهم التحديات هو توفير المسكن للمواطنين، وكذلك توفير الوظائف للعاطلين ولذا تم توجيه 21 مليار ريال برنامج التحفيز لبرامج الإسكان، وكذلك برامج دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة واعفاؤها من الرسوم الحكومية للثلاث سنوات الأولى، والتي يعول عليها استقطاب أعداد كبيرة من المواطنين، وتشجيع مبادراتهم وأفكارهم لزيادة المحتوى المحلي، وتم إنشاء هيئة متخصصة بداية العام الماضي لدعم هذا القطاع المهم وتفعيل دوره، بعد أن كان يصارع خلال السنوات الماضية من أجل البقاء، بل إن كثيرا من المنشآت لم تستمر أمام التحديات والمنافسة الحادة وبيروقراطية الأنظمة، مع أنه قطاع نهضت بسببه اقتصاديات عالمية مثل اليابان التي بنت نهضهتها الصناعية، معتمدة بالدرجة الأولى على المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وكان لاعتماد اليابان على المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تمثل أكثر من 90 %من عدد المشروعات، والتي تشغل حوالي 70 %من الأيدي العاملة، كقاعدة عريضة للتنمية الاقتصادية، فانخفضت نسبة البطالة، وزاد الإنتاج وتحققت مشاركة ومساهمة الأفراد والأقاليم المختلفة في الناتج المحلي الإجمالي، وبمعدلات عالية، وتراكم لرأس المال. ويضيف الرقيب، أن الإيرادات المتوقعة خلال العام المقبل يتوقع أن تنمو بشكل كبير، خصوصاً مع اتفاق منتجي النفط على الاستمرار بخفض الإنتاج حتى نهاية عام 2018 مما يجعل الأسعار تتراوح عند معدل ما بين 55 و 60 دولارا للبرميل، ويعني ذلك تحقيق إيرادات نفطية في حدود 478 مليار ريال، أما الإيرادات غير النفطية فإنها ستحقق نموا عاليا في ظل فرض الضريبة الانتقائية للسلع الضارة التي تم اعتمادها في الربع الثالث من العام 2017، وظهر أثرها على الإيرادات غير النفطية التي نمت بنسبة 80 % مقارنة بالربع المماثل، كذلك ستدعم الإيرادات غير النفطية ضريبة القيمة المضافة التي سيتم البدء في تطبيقها بداية من يناير 2018، وحسب تقديرات أولية من المتوقع أن تضخ لخزينة الدولة خلال العام المقبل حوالي 25 مليار ريال على أن ترتفع في السنوات القادمة بعد التطبيق الكامل على كافة المنشآت، وسيساهم رفع أسعار الطاقة والكهرباء في زيادة الإيرادات غير النفطية إلا أن جزءا كبيرا من هذه الإيرادات سوف يوجه لدعم المستفيدين من حساب المواطن. أما المصروفات فمن المتوقع أن تتجاوز 920 مليار ريال، ولن يكون هنالك زيادة تذكر في المصاريف التشغيلية مثل الرواتب والمعاشات وبرامج الضمان الاجتماعي والدعم الحكومي، ولذلك فمن المتوقع أن تشهد ميزانية العام 2018 كفاءة عالية في الإنفاق، تتحكم في الهدر المالي غير المبرر وخصوصا في آلية اعتماد المشاريع والمشتريات التي كانت في السابق منفذا للفاسدين للاستيلاء على أموال الدولة بغير وجه حق، والتي ستنحصر خلال ميزانية هذا العام مع حملة الدولة على الفساد. حسين الرقيب