بدأت كبريات شركات الطاقة في العالم بالانجذاب بشكل متزايد نحو استثمارات الغاز الطبيعي المسال الذي يتم شحنه عبر السفن وتسويقه بمرونة بالمقارنة بمشروعات نقل الغاز عبر خطوط الأنابيب المكلفة والطويلة الأجل، في ظل الارتفاع المتوقع في الطلب العالمي حيث تشير التوقعات إلى ازدياد الطلب مع ازدياد الحاجة إلى الطاقة جنباً إلى جنب مع اقتصادات البلدان النامية، في ظل المزايا البيئية التي يوفرها الغاز الطبيعي المسال من حيث قلة التلوث مقارنة بالفحم والنفط مع القدرة على توفير إمدادات الطاقة والتي لا يمكن للطاقة المتجددة مثل الرياح والشمس إنتاج ما يكفي منها. وتوقعت وكالة الطاقة الدولية زيادة استهلاك الغاز الطبيعي بنسبة 45 في المئة في الربع المقبل من القرن، في حين توقعت أن تمثل الدول النامية في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط 80 في المائة من تلك الزيادة. ويوفر الغاز المسال العديد من المزايا لشركات الطاقة من حيث النقل عبر السفن بمرونة أكثر من خطوط الأنابيب. وأشار التقرير بأن الغاز الطبيعي المسال يجنب الكثير من المعوقات مقارنة بخطوط الأنابيب والتي تتطلب من الشركات استثمار مبالغ ضخمة والدخول في عقود طويلة الأجل مع العملاء الذين قد لا يودون في أوقات لاحقة شراء قدر أكبر من الغاز. في وقت تتطلع العديد من الدول إلى الغاز الطبيعي المسال كمصدر أكثر أمنا من واردات الغاز الطبيعي من خطوط الأنابيب. إضافة إلى إمكانية استيراد الغاز الطبيعي المسال من العديد من الموردين المحتملين في حين أن خطوط الأنابيب تميل إلى ربط الموردين والعملاء بعضهم ببعض. ويتوقع أن يؤدي نمو الغاز الطبيعي المسال إلى تقويض تطوير مشروعات أنابيب الغاز الدولية الكبرى، باستثناء تلك التي تربط الصين بروسيا وتركمانستان والتي تستفيد من الدعم السياسي والمالي القوي. فيما تعرقل مشروعات خطوط الأنابيب الضخمة الكثير من الظروف الجيوسياسية التي يمكن أن تؤخر تشييدها. ويبرز مشروع "نورد ستريم 2" الذي يقدم الغاز الروسي مباشرة إلى ألمانيا عبر خط أنابيب تحت بحر البلطيق والذي وجد معارضة من دول أوروبا الشرقية وكذلك المفوضية الأوروبية. وعندما يتعلق الأمر بتحويل الغاز الطبيعي المسال مرة أخرى إلى حالته الغازية للنقل، فإن الاتجاه هو بناء محطات أصغر وأكثر مرونة وأرخص، وتم على مدى العقد الماضي بناء محطات إعادة تدوير عائمة. وكثيراً ما تقترن هذه المحطات البحرية، والمعروفة في هذه الصناعة بوحدات إعادة التخزين العائمة، بمرافق تخزين، وتساعد هذه المرونة على تنمية السوق العالمية، مع زيادة العرض والطلب بسرعة أكبر، مقارنة بخطوط الأنابيب التي غالباً ما يرتبط فيها الموردون والعملاء بعقود تدوم لسنوات. وقالت تيشا شولر، رئيسة شركة "أدامانتين إنيرجي كونسولتانسي": "إن الغاز الطبيعي المسال يخلق سوقاً عالمية أكثر مرونة، مما يسمح بالعرض للرد على الطلب، وفي النهاية، سيؤدي ذلك إلى استقرار أسعار الغاز الطبيعي بشكل متزايد. وأعلنت شركة "توتال" الفرنسية التي تملك 20 % من حصتها في مشروع "يامال" للغاز الطبيعي المسال الواقع في أقصى القطب الشمالي الروسي الذي بدأ العمل به الجمعة الماضية، بأنها اشترت بعض أصول شركة انجي للغاز الطبيعي المسال وهي شركة فرنسية أخرى تعمل في مجال الطاقة حيث ساهمت هذه الصفقة في تقدمها إلى المركز الثاني عالمياً في هذا القطاع. في وقت تتصدر شركة شل أنجلو الهولندية المرتبة الأولى في هذه الصناعة بعد أن نجحت بشراء منافستها مجموعة "بي بي" في عام 2016 بقيمة 63 مليار دولار. وقال بيتر هارتلي، أستاذ الاقتصاد في جامعة رايس: "أتوقع أن ينمو الطلب على الغاز الطبيعي المسال في السنوات القليلة المقبلة لعدد من الأسباب التي تمثل جزءاً من النمو الإجمالي في الطلب على الغاز الطبيعي".