أُتهم الرجل في الجزيرة العربية، بأنه ذلك الفظ الغليظ، الذي لا يعرف لقلبه الحب سبيلا،ً مع تصويره عبر الموروث أنه يعتبر المرأة من ممتلكاته الخاصة، وهذا لا يمت للحقيقة بصلة، فالصورة الجميلة التي جاءتنا بالموروث، تنصف الرجل في الجزيرة، بما يكنه للمرأة من سماحة ومودة وحب وتقدير، سواء مع أمه، أو زوجته، أو حتى أخته، لكن للزوجة في نفسه شأناً آخر، فهي الشريكة التي تقاسمه الحياة في حلوها ومرُّها حتى الممات، وجاءتنا قصص الموروث بتلك القيمة العظيمة التي يراها الزوج في زوجته، فهو يعي معنى الشراكة في الحياة وصنع الأسرة، وتوفير احتياجاتها، في وقت اعتمدت فيه الأسرة على إنتاجها الذاتي، في جميع احتياجاتها، فكانت المرأة هي عمود البيت الذي ينتج مقومات الأسرة ويعمل على استمرارها، وعوناً لزوجها، فبادلها ذلك بالمحبة، ورأى فيها الشريكة التي استحقت منه الهدايا، فكان العيد المناسبة التي يجدد فيها أواصر المحبة بين كل حين وآخر، وحسب القدرة المادية، لأن الرجل هو المعيل للأسرة، فيما كان دور المرأة التدبير، ما جعل الهدية محسوبة على الرجل قديماً، تعبيراً وتقديراً منه لزوجته ومقاسمتها له الدور في الحياة، يقول الشاعر: وأنا قبلك شريت الها رصاص وسوته هدّاب عسى المجمول يثمر في عيون اللي يحبونه هدية الزوج للزوجة في العيد من العادات الأصيلة والقديمة التي لم يتكلم عنها المجتمع، ولم يأخذها بعين الاعتبار، رغم ما تحفظه من قيمة معنوية كبيرة في نفس المرأة، وهي في حقيقة الأمر كانت ظاهرة تعارف عليها المجتمع القديم، بحيث كانت تنتظر المرأة هذه اللحظة من زوجها، والتي في أكثر الأحيان تكون قطعة من ذهب يقدمها لها، فيسمع منها عبارات الثناء التي تنقله لجارتها تعبر فيها عن مدى تقدير الزوج لها، وكم من زوجة جمعت هدايا زوجها المستمرة في وعاء معدني له غطاء يسمى ( المطبقية) تخزن فيه القطع الذهبية فتختار منه وقت المناسبات، ومازالت هذه العادة موجودة، وإن تطورت بالتهادي بين الزوجين واختلفت القيمة المعنوية والنقدية ونوع الهدية، وأصبحت بطرق مختلفة وراقية، واكبت التطور في شكل التقديم، وجمال التغليف، وروعة الكتابة في العبارات والخواطر الشعرية بين الزوجين. إلا أن الحالة الاجتماعية في وقتنا الحاضر وسهولة الحصول على الهدية ومهما بلغ ثمنها، لن تكون بحجم فرحة المرأة التي لمست معنى الفقر قديماً، والحاجة وصعوبة الموارد المالية في الحصول على مثل هذه القطعة الثمينة من زوجها، الذي قدر لها مشاركته الحياة بقسوتها. ويجسد إليا أبو ماضي صورة عن حيرته في نوع الهدية، التي سيشتريها لحبيبته، وهو يرى أنها تمتلك كل شيء، فجعلنا نشعر بمدة أهمية الهدية من الرجل للمرأة في التراث العربي، يقول إليا أبو ماضي: أيّ شيء في العيد أهدي إليك يا ملاكي، وكلّ شيء لديك أسوار؟ أم دملجا من نضار لا أحبّ القيود في معصميك أم ورودا؟ والورد أجمله عندي الذي قد نشقت من خدّيك ولم يتغافل سكان الجزيرة العربية وقع الهدية في نفس الزوجة، التي تماري فيها أمام النساء، في حديث تُعبر فيه عن فرحتها بالهدية أمام المجتمع النسائي، وبمحبة الزوج، الذي لم تشغله معاناة الحياة عن تقديره لها، في يوم العيد، وهو المتعارف عليه في الموروث الشعبي عند تقديم هدية الزوجة، ولأن الرجل عرف ما للهدية من دور سحري في نفس المرأة، يجعلها تُباهي به أمام الأخريات، وليس أجمل ولا أفضل من تقديم حلية للمرأة في التعبير عن الأسف، وقد تنهي حلية بسيطة، مشكلة كبيرة، يعجز عن حلها أهل الرأي والمشورة، يقول ابن لعبون في صورة لفتاة جميلة تلبس الحلي الجديدة بيوم العيد: اربع بناجر في يد المزيون توه ضحي العيد شاريها. الذهب أفضل هدية للمرأة