"التعليم الذي نجح في الأربعين سنة الماضية لا بد أن يتغير ويتطور.. ولا بد أن يعي الآباء والأمهات أن أطفالهم سيعيشون في عصر مختلف ذي احتياجات مختلفة تتطلب تعليماً من نوع جديد يتماشى مع الأوضاع بعد خمسة وعشرين عاماً من الآن"، تلكم كلمات وزير التعليم الياباني الأسبق شيمومورا هاكوبون في تعليقه على السياسات التي اتخذتها وزارته لتعديل مناهج التعليم واستراتيجيته لإعداد جيل ياباني يستطيع منافسة الروبوتات في منتصف القرن الحادي والعشرين.. مقالة اليوم تناقش السؤال: هل ينجح تعليمنا في اختبار الذكاء الصناعي؟ بداية لا بد من التسليم بأن هنالك انقساماً في الآراء بين من يرى في نهضة الروبوتات كابوساً سيقضي على وظائف الشباب ومن يراها فرصة لمساعدة البشر وخلق فرص عمل جديدة.. ولعل من هؤلاء المشاركين في جلسة "آلات تفكر" ضمن منتدى مستقبل الاستثمار والذين أجمعوا تقريباً على أن الروبوتات بريئة من التسبب في بطالة الشباب حيث إن أقل نسبة بطالة في اليابانوألمانيا والتي تعد من أكثر الدول التي تستخدم الروبوت والذكاء الاصطناعي. ولكن لا أرى أنه يمكن الاستشهاد بهذا الدليل لعدة أسباب: الذكاء الاصطناعي والروبوتات بوضعها الحالي متخلفة جداً عن نظيراتها عام 2045م والتي ستصل مرحلة ما يعرف ب (Singularity) عندما تتجاوز قدرات الذكاء الاصطناعي العقل البشري. ألمانياواليابان تواجهان تحديات شيخوخة المجتمع ونقص اليد العاملة مما يضطر البلدان لاستخدام الروبوتات لتغطية العجز ورعاية كبار السن. التعليم الهندسي متقدم في البلدين وخاصة في المجالات الميكانيكية والإلكتروكهربائية مما يمنح مهندسيهم فرص عمل مع انتشار الروبوتات. وبغض النظر عما إذا كان صعود الروبوتات كابوساً مفزعاً أو حلماً جميلاً، فتطور الروبوتات والذكاء الاصطناعي سيتطلب وجود منظومة تعليمية قوية ومنظمة ابتكار تقني أقوى. والسؤال هو: ما الذي نحتاجه في تعليم أجيال المستقبل لمواجهة تحدي الروبوتات؟ أرى أن التعليم يجب أن يركز على إنسانيتنا من تطوير قدرات مثل الذكاء العاطفي، العمل بروح الفريق والتفكير النقدي بالإضافة إلى تعزيز القدرات الإبداعية ناهيك عن تعليم البرمجة وهندسة الروبوتات. إذا ما فعلنا ذلك فسيكون صعود الروبوتات فرصة لخلق الكثير من الوظائف من حولنا. وسيكون نجاح رواد الأعمال والقادة مستقبلاً مرتبطاً بقدرتهم على خلق فرص عمل للبشر والروبوتات في آن معاً!! وللإجابة عن السؤال في العنوان، فأكاد أجزم أن مخرجات التعليم في العالم العربي عموماً بوضعها الحالي من شبه المستحيل أن تتفوق على أنظمة الذكاء الصناعي والروبوتات عام 2045م. ولكي نستطيع مواجة التحدي فنحتاج لنقلات نوعية في المنظومات التعليمية. ولنتذكر أن الاستثمار الصحيح والإدارة المتميزة للعملية التعليمية والعمل من الآن لإعداد أجيال تتفوق على الروبوتات والذكاء الصناعي جدير بأن يسهم بقوة في وضع بلادنا ضمن مصاف الدول القائدة والرائدة صناعياً وعلمياً بإذن الله في منتصف القرن الحادي والعشرين...