صوت 125 عضواً بمجلس الشورى الاثنين على توصية بشأن مقترح نظام مكافحة التمييز وبث الكراهية، وأيدَّ 76 صوتاً منهم تكليف اللجنة القضائية بدراسة المقترح المقدم من أعضاء سابقين وحاليين والعودة للمجلس بتقريرها النهائي إما برفض المقترح او إعداد مواد لنظام يجرم ويكافح العنصرية. وقبل حسم ملاءمة المقترح للدراسة ناقش الأعضاء تقرير لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية واستمع المجلس أيضاً لتقرير رأي الأقلية في اللجنة، وتباينت وجهات نظر الأعضاء، فأول المداخلين فايز الشهري رأى أن فكرة المقترح فكرة حضارية ومطلب شرعي ووطني لمحاربة بث الكراهية، مشيراً إلى افتقار النظام المقترح للتأصيل المنهجي والقانوني، مضيفاً بأنه ركز على الأفعال القولية دون الأفعال كالمحاباة، وقال إن معظم مواد عمومية تتيح المجال لكل شخص بتفسير المواد كما يريد، منبهاً على ضرورة وضعها بقيود لتخرج من الشورى فكرة ناضجة. ورأى أيوب الجربوع وفهد بن جمعة وآخرون عدم الحاجة لدراسة النظام لعدم وجود فراغ تشريعي واعتبر بن جمعة أن النظام المعروض للمناقشة ليس لمكافحة العنصرية بل هو "عنصري" وقال لرئيس المجلس د. عبدالله آل الشيخ الذي تساءل عن وصف النظام بالعنصري "أنظر إلى أهداف أصحاب المقترح وستلاحظ..!" واعترف الأعضاء سواء المؤيد أو المعارض لدراسة المقترح بعدم اعتبار التمييز وبث الكراهية في المملكة ظاهرة، وقال ناصر العتيبي إن المقترح طرح في مجلس الشورى أكثر من ثلاث مرات بمضمون واحد وأسماء مختلفة..!، وأكد أن جميع المواد والأهداف التي جاءت به مندرجة ضمن نصوص نظامية قائمة وليس هناك ما يحتم تشريع نظام جديد، وقال إن النظام الأساس للحكم ينص في جميع مواده على نبذ الكراهية والعنصرية وتطالب بالعدل والمساواة والسلم والشورى والوحدة الوطنية، مستمداً ذلك من القرآن والسنة وهي كفيلة عن المقترح. وأكد العتيبي أن مواد النظام المقترح موجودة بأنظمة اخرى، فمواد وأهداف نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله منعت الاعتداء على الأماكن المقدسة، ونصت على حماية النسيج الوطني من مخاطر إرهاب التمييز كما ركزت على الحفاظ على الوحدة الوطنية والأمن وتعزيز القيم الدينية ومناهضة الكراهية والتطرف ومواجهة الإرهاب، كما أن نظام مكافحة جرائم المعلوماتية يغطي أهدافا أخرى للمقترح إضافة إلى نظام جرائم النشر والمطبوعات، وبالتالي عدم وجود فراغ تشريعي. وقال العتيبي بأن مصطلح التمييز العنصري كما ورد في مقترح مكافحة بث الكراهية، مصطلح فضفاض يدخل ضمنه العقيدة والمعتقد والفكر وحرية المعتقد للطفل ونكران الذات الالهية والإلحاد والمثليين في الجنس، مما قد يوجد مكاناً للاجتهادات والتحول من أحكام الشرع والعقيدة في الأحوال الشخصية إلى الأنظمة الوضعية ويساعد على التعدي على النصوص المقدسة في القران الكريم، مشيراً إلى ما ورد في المادة الخامسة من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري والتي تنص على "حق حرية الدين والعقيدة والفكر وحق الإرث..!". ونبه عبدالرحمن باجودة على ألا يترك عنوان النظام فضفاضاً، معترضاً على وضع عقوبات كالسجن والغرامة للمساس بالذات الآلهية والأنباء والنصوص المقدسة ودور العبادة، كما رفض ما يخص حرية الفكر في المعتقد، وقال عضو المجلس الدكتور عبدالله الحربي أن يتابع ما يطرح في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، يجد شيء، من التمزيق والتفتيت والتفريق والتصنيفات التي لم تكن موجودة في السابق، وأشار إلى أن بعض مشكلات مهددات الوحدة الوطنية قد ترتبط بجرائم ، ولا بد من ضبطها عبر نظام منفصل. وأضاف الحربي بأن المتأمل في دراسة هذا المقترح يجد أن معظم بنوده متوافقة مع المصلحة العامة والشريعة، وربما تكون هناك بعض البنود التي تتعارض مع الشريعة ومع بعض الأنظمة، وتستطيع اللجنة القضائية بما فيهم من الزملاء الأفاضل الذين قدّموا رأي الأقلية، أن يزيلوا هذا اللبس، ويخدموا المقترح، فيما يحقق المصلحة العامة، فالمجتمع بحاجة الى ضبط شديد، خاصة في قضية التصنيفات والمصطلحات، التي تطلق جزافاً. واتفق مشعل السلمي عضو الشورى مع ملاءمة دراسة المقترح، مشدداً على أهمية صدور نظام يتضمن تجريم التمييز وبث الكراهية من منطلقات مذهبية أو طائفية أو عرقية لأن التمييز وبث الكراهية يؤديان إلى تمزيق وحدة المجتمع، وضرب نسيجه الوطني، وإضعاف قوته، وقال "نحن في المملكة والعالم العربي والإسلامي في أمس الحاجة لوحدة الموقف"، وأكد على أن صدور مثل هذا النظام من المملكة له أثر إيجابي كبير، وسنة حميدة، ومبادرة نوعية سوف تتأثر بها الدول العربية والإسلامية وسوف يقوي جسد الأمة ليكون صلباً وقوياً في مواجهة التحديات والأخطار التي يسعى أعداء الأمة للنيل منها والتفرقة بين أبنائها، ورأى السلمي أهمية دراسة وصدور مثل هذا النظام انطلاقاً من أحكام وقيم ديننا الإسلامي العظيم، والحرص على بناء مجتمعنا على قيم ومبادئ تقوي وتحفظ المجتمع في مواجهة التحديات الجسيمة، وتمنع أعداءه من بث سموم الفرقة والفتنة والأحقاد بين أبنائه. وعرضت لطيفة الشعلان وهي من الأعضاء الذين قدموا المقترح تجربتها الشخصية مع التمييز وأشارت إلى ومنذ أربع سنوات وهي تتعرض للسب والشتم على مواقع التواصل الاجتماعي وقالت "لو كانت امرأة غيري لكسرت..". إلى ذلك، ينتظر مجلس الشورى مواصلة اللجنة القضائية لدراسة مقترح نظام مكافحة التمييز وبث الكراهية والعودة بتقرير شامل بشأن الاستمرار وإعداد النظام أو العدول عنه.