مهلة عام لتوثيق التصرفات العقارية السابقة لفرض الضريبة    بورصة الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    استشهاد 25 فلسطينياً في قصف للاحتلال الإسرائيلي على غزة    منتخب مصر يتغلّب على نظيره الموريتاني ويعزز صدارته    اللجنة الوطنية لمكافحة العمى تفحص 1000 زائر في "معرض الصقور"    الفتح يواصل استعداداته على فترتين صباحية ومسائية    دمفريس ينقذ هولندا من الهزيمة أمام المجر في دوري الأمم الأوروبية    جزر القمر تحقق انتصاراً مفاجئاً وثميناً على تونس في عقر دارها    اكتمال الوزن الرسمي للملاكمين بنجاح ... قبل نزال "IV CROWN SHOWDOWN"    الأخضر الشاب يتعادل سلبياً مع الصين في معسكر الأحساء    الاخضر يستأنف تحضيراته لمواجهة البحرين    أمانة القصيم تنفذ أكثر من 22 ألف جولة رقابية على المباني لرفع مستوى الامتثال    أمين الطائف يوافق على إنشاء (وحدة الفعاليات) الثقافي والترفيهي    الإرشاد الجامعي بجامعة الإمام يفعّل اليوم العالمي للصحة النفسية    شرطة الرياض تقبض على (7) وافدين إثر مشاجرة لخلاف بينهم    أمير الرياض يعزي في وفاة الأمير نايف بن فيصل بن فهد بن فرحان    المملكة تدشن توزيع 4.000 سلة غذائية في إقليم النيل الأزرق بالسودان    العثور على جثة القيادي الإيراني الذي قُتل مع نصر الله    ضبط مواطنين في تبوك لترويجهما الحشيش وأقراصًا خاضعة لتنظيم التداول الطبي    مصر تحبط تهريب 3.5 طن مخدرات بقيمة 250 مليون جنيه    جمعية الرواد الشبابية تنفذ دورة "التسويق والترويج الرقمي"    «الجوازات» تؤكد أهمية إكمال تنفيذ الخدمات الإلكترونية بعد سداد الرسوم    شخصيات إسلامية من إندونيسيا تثمّن جهود المملكة في نشر منهج الوسطية والاعتدال    انطلاق حملة التوعية "التعايش مع أمراض الروماتيزم"    الذهب يواصل مكاسبه مع تراجع الدولار وتوقعات متزايدة بخفض سعر الفائدة    خطيب المسجد النبوي: شر الرجال من كان متغطرسًا ومتكبرًا ومعجبًا بنفسه    «الصحة»: الكشف المبكر عن سرطان الثدي يزيد نسبة الشفاء لأكثر من 95%    الإعلان عن أول فندق في منطقة بوليفارد سيتي بالرياض تابع لعلامة (CORE) السعودية    «الأرصاد»: أمطار غزيرة على العاصمة المقدسة ومحافظة الجموم    "آل طفاح" إلى المرتبة الحادي عشر ببلدية خميس مشيط    المعرض الدولي "الأبد هو الآن" ينطلق قريباً في القاهرة ويركز على الحضارة المصرية    رئيس الوزراء اللبناني يطالب الأمم المتحدة بقرار وقف إطلاق نار "فوري" في لبنان    تركي آل الشيخ يُعلن الاجتماع مع النصر من أجل مباراة عالمية    اختتام أعمال " المؤتمر الثاني للصيدلة" في جدة    عنيزة تطلق "ضاحية الإبل"    واشنطن: أنباء عن مقتل 10 أشخاص على الأقل جراء إعصار ميلتون في ولاية فلوريدا    5 مخاطر صحية تسببها الهواتف الذكية    علامات تحذيرية لضعف الدورة الدموية.. تعرّف عليها    كيف تغير شخصيتك؟    «أحكي لكم عن أبي».. يكشف البعد الإنساني ل«العبودي»    فرصة تاريخية للسلام: السعودية تقود تحالفاً عالمياً لتنفيذ حل الدولتين    مسرح ظفار الدولي    تصفير الجيوش    الذكرى العاشرة لبيعة والدنا «سلمان»    المذاهب الفقهية في السعودية.. الائتلاف الواعي والسياسة الحكيمة    المواطن في الإعلام الاجتماعي    خطاك السوء يا فخر الأوطان «سلمان»    تفعيل الاقتصاد الدائري    الانتصار العسكري لإسرائيل لا يحقق السلام    إجراء جراحة قلب متقدمة عن طريق تقنية القلب النابض بنجاح في مستشفى الأمير محمد بن ناصر    أكثر من 5 ملايين مصلٍ يؤدون الصلوات في المسجد النبوي خلال الأسبوع الماضي    محمية الوعول.. تنوُّع فريد    "فرع الإفتاء جازان": ينظم مبادرة "الشريعة والحياة" بتعليم جازان    الإعصار ميلتون يضرب الساحل الغربي لفلوريدا    محمية الوعول تنضمّ للقائمة الخضراء الدولية كأول محمية سعودية    عافية شعب    مطعم يثير الجدل ب«طبق مبتكر»    قيادة حكيمة ورؤية طموحة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوجوه المعتمة للفساد!!
نشر في الرياض يوم 24 - 02 - 1439

أي مجتمع تتضعضع فيه قيم العدل والإنصاف والحق والقانون الصارم والقضاء الناجز.. لن ينجو من تبعات الفساد وانتشاره وطغيانه على الحياة، ولن يقود في النهاية سوى لخراب اجتماعي وأخلاقي وقيمي ينشر مظلته على مساحة واسعة..
قد يختلف المجتمع حول قضايا ومسائل كثيرة، تتعدد فيها الرؤى وتتباين المواقف.. إلا أنه من الصعب ألا يتفق حول أهمية اجتثاث الفساد ومواجهة الفاسدين.
لن تجد من يحاول أن يقول إن الفساد أمر جميل وفعل فاضل، أو لا ضير منه.. لن يجرؤ حتى أكبر المتورطين في الفساد أن يقول هذا.. ولكنه ربما يقول هذا أمر يحدث في كل مجتمع ولا يمكن التخلص من الفساد، أو يمكن التعامل معه باعتباره أمراً مقبولاً في حدود معينة، وأن العالم كله تتعدد فيه أشكال الفساد حتى الغرب المتقدم بقوانينه ونظمه ومؤسساته يُمارس فيه الفساد!!
لن يروج لمثل هذا سوى مستفيد من الفساد بشكل أو بآخر، أو جاهل بنتائجه، حيث لا يتوقف ضرره عند انتهاك المال العام وسرقته والأضرار باقتصاد الدولة.. بل هو أداة كارثية آثارها ممتدة اقتصادياً وأمنياً واجتماعياً وثقافياً.
للفساد وجوه متعددة، جامعها الظلم والانتهاك، ونتائجها وخيمة على الأوطان والمجتمعات. والفساد ليس رشوة أو اختلاساً فقط، بل له وجوه لا تقل ضرراً عنها. وهو لا يعني سوى الظلم. وهل هناك أعظم ذنباً من الظلم وهضم الحقوق والاستيلاء على مصادر الحياة.. لتعيش فئة محدودة حياة الترف والبذخ والهدر بكل أنواعه.. بينما يعاني مجموع كبير من حياة على حافة الفاقة أو الكفاف. الظلم نقيض العدل، والعدل أساس جوهري لاستمرار قوة المجتمعات وسلامة بنيانها.
والفساد حلقات يجر بعضها بعضاً.. تبدأ من اقتطاع جزء يسير من المال العام ولا تنتهي بالاختلاس الكبير. الفساد مافيا كبيرة ومعقدة، لا وظيفة لها سوى توزيع مهام السرقة والاحتيال عبر مشروعات وأعمال واستحقاقات ومنح ووظائف وأجور غير مستحقة.. ويقدم أحياناً بشكل أنيق ولافت وتحت عناوين شتى.. تتحول مع الوقت واستدرار لعاب الشهوات - التي لا حدود لها - إلى تكوين رؤوس أموال ضخمة تحت مسمى شركات ومجموعات مالية.. تعيد استثمار المنهوب لتتوسع حلقات النهب والاستيلاء، ولتصبح مع مرور الوقت دولة داخل الدولة، تشتري الذمم وتوظف القدرات وتعزز حضورها في مشهد براق ولافت.
يحاول الفاسد الكبير أن يخفي حقيقة: أن الفساد يطل أحياناً مبتسماً، وحتى مساهما في أعمال الخير!! وهو يرمي الفتات في طريق العاجزين.. ليدور حوله انتهازيون ومستفيدون من فتات السرقات الكبرى!!
الفساد كارثة اقتصادية محتمة، مهما حاول البعض من تهويل نتائج ملاحقته على الاقتصاد الوطني. رأسمال المال إذا كان لا ينمو إلا عبر الفساد، ولا يحقق أرباحه إلا عبر حلقاته وسماسرته فهو لن يكون سوى كارثة على الدولة والوطن بأسرة. كل مشروع معطل خلفه قضية فساد. كل مشروع مهترئ تكتشف عيوبه وأعباءه بعد فترة من تسلمه عليك أن تبحث أولا عن حلقات الفساد. كل تعيين لموظف لا يستحق هو نوع من أنواع الفساد. كل مال يخرج لبنوك خارجية عبر حسابات مصرفية سرية وهو يقتطع من لحم الاقتصاد الوطني، ولا يُعرف له مصادر مشروعة عليك أن تتساءل عن مصادره.. المال المشبوه لا يقر له قرار إنه يتنقل هناك وهناك بحثاً عن الأمان، وهو لا يخدم الوطن بقدر ما يؤسس لحلقات فساد أخرى في عملية متوالية ومعقدة.
الفساد كارثة اجتماعية أيضاً.. فهو يضرب في البنية الإخلاقية والقيمية لفضائل الحياة. السارق عبر طرق وأدوات الفساد والرشى يدعى "ذئب" والموظف الأمين والمؤتمن على المال العام يصبح حجر عثرة يجب إبعاده عن الطريق..
التغير في سلم القيم أمر حادث. قبل عقود قليلة كان من الصعب أن تجد الرشوة أمراً مقبولاً، وممارستها كانت في دوائر ضيقة للغاية.. ماذا حدث في سلم القيم الاجتماعية ليصبح المرتشي "ذئباً" يشاد به وتطلب معونته حتى من المال الحرام.. إنه الفساد الذي مكنه أن يركب السيارات الفاخرة، ويتنقل بين قصوره واستراحاته، ويجوب الدنيا في العطلات.. ويبز أقرباءه ومعارفه بما يملك ويهدر ويفاخر به.
الوعي الفاسد يدفع جيلاً جديداً لامتثال القدوة الفاسدة.. ليصبح الفساد أمراً مقبولاً تحت مسميات خدمات/ بونص/ تسهيلات/.. ومهما تعددت المسميات فإن مصدرها تجميل لفظي لحالة فساد لا أكثر ولا أقل.
أي مجتمع تتضعضع فيه قيم العدل والانصاف والحق والقانون الصارم والقضاء الناجز.. لن ينجو من تبعات الفساد وانتشاره وطغيانه على الحياة، ولن يقود في النهاية سوى لخراب اجتماعي وإخلاقي وقيمي ينشر مظلته على مساحة واسعة.. حتى ليبدو الأمين غريباً.. بينما يحظى الثري الفاسد بالمزيد من الوجاهة والحضور المخادع.. من يصنع مجتمعاً كهذا إلا الفساد؟!
أما تبعات الفساد الأمنية فهي كارثية، فما اقتطعه الفاسد من المال العام عبر حلقات الفساد المتعددة هو هضم لحق الآخرين. وهضم هذا الحق يعني نقصاً في وسائل الحياة وكفاياتها، مما يدفع لليأس، وينشر الأسى ويعمق الشعور بالظلم.. وقد يدفع إلى ما لا تحمد عقباه.
والأخطر أيضا من كل هذا وذاك، أن عدم مواجهة الفساد وانتشاره بقوة يضعضع بنيان الدولة، ويكرس عدم الثقة بالسلطة،.. والسلطة المدركة لخطورة الأمر هي الأكثر قدرة على مواجهة الفساد الذي ينخر في جسد الدولة والمجتمع.
من بين كل الأحداث الكبرى هذا العام، يبقى ما حدث يوم 4 فبراير 2017 الأكثر أهمية فهو إعلان كبير أن مواجهة الفساد بدأت بحزم وعزم ولن تتوقف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.