انقسم رأي اللجنة القضائية بمجلس الشورى بشأن مقترح تشريع نظام لمكافحة التمييز وبث الكراهية، فاللجنة خلصت إلى التوصية بملاءمة دراسة المقترح، مضمنةً تقريرها نتائج الدراسات للموضوع من الجوانب الشرعية والنظامية والاجتماعية، بينما عارض ثلاثة أعضاء منها على رأسهم عبدالعزيز النصار رئيس ديوان المظالم السابق، توصية اللجنة وقدموا للمجلس تقريراً يفسر ويدعم رفض المقترح والتأكيد على عدم الحاجة إليه. «الرياض» تعرض في هذا التقرير أبرز أهداف المقترح كما تراها اللجنة القضائية ودواعي دراسته والسلبيات التي يعالجها، كما تتناول رأي الأعضاء عبدالعزيز الناصر، ومحمد الجرباء، وسليمان الفيفي بشأن المقترح الذي أنهت اللجنة دراسته خلال عام بعد أن تقدم به 12 عضواً سابقين وحاليين، وهم عبدالله الفيفي، ولطيفة الشعلان، وهيا المنيع، وحمده العنزي، وثريا عبيد، ولبنى الأنصاري، وسعد البازعي، وأحمد الشويخات، وعلي التميمي، وناصر بن داوود، وصاحبة السمو الملكي الأميرة سارة الفيصل، وصاحبة السمو الملكي الأميرة موضي بنت خالد آل سعود. دواعي المقترح أوضحت لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية في تقريرها المعروض للمناقشة تحت قبة مجلس الشورى يوم الاثنين بعد المقبل، أن من دواعي تقديم ودراسة مقترح مكافحة التمييز ونبذ الكراهية، وجود حاجة ماسة إلى نظام متكامل تفصيلي متماشياً مع النهج الإسلامي، وضرورة المحافظة على النسيج الاجتماعي لأطياف المجتمع السعودي وتحقيق العدالة في تطبيق الأنظمة على نحو يضمن حرية التعبير عن الرأي، إضافة إلى التهديد الذي يشهده الوطن مؤخراً من تفجير وتدمير للمقدسات الإسلامية، وظهور الأطماع الإقليمية الواضحة في منطقة الخليج العربي، والاستغلال السيئ لوسائل التواصل الاجتماعي بصورة تهدد السلم الاجتماعي، وكذلك تفشي بعض فئات المجتمع التي تبث الفرقة بين أبناء الوطن الواحد بأسباب التعصب للون أو العرق أو الطائفة، إلى غير ذلك من الأسباب. المعارضون: القرآن والسنّة ونظام الحكم والقضاء والنيابة تجرم العنصرية وتتصدى لها ويرى النصار، والجرباء، والفيفي أن الأفعال التي تضمّن مقترح مشروع هذا النظام تجريمها، جاء النص على تجريمه صراحة في الكتاب والسنّة، والنظام الأساسي للحكم، وعدد من الأنظمة السارية، والاتفاقيات التي انضمت إليها المملكة، ومن ثم لا يوجد فراغ تشريعي ليتم معالجته من خلال مشروع هذا النظام. النيابة تتصدى لإثارة الكراهية والطائفية ويؤكد ذلك ما جاء في بيان النيابة العامة أن أية مشاركة تحمل مضامين ضارة بالمجتمع، أياً كانت مادتها وذرائعها، ووسائل نشرها، فإنها ستكون محل مباشرة النيابة العامة، وفق نطاقها الولائي، وبحسب المقتضى الشرعي، والنظامي انطلاقاً من قول الحق تبارك وتعالى، ومن ذلك إثارة نعرات الكراهية، والطائفية، والتصنيفات الفكرية، والمذهبية، تأسيساً على ما للنيابة العامة من ولاية عامة تخولها تحريك الدعاوى الجزائية في جميع الجرائم. المشروع مقلق للمفهوم الوطني وأكد الأعضاء، أن طرح هذا المشروع وتداوله يبقى مقلقاً للمفهوم الوطني الإيجابي عن المحبة والمساواة السائدة بين جميع أطيافه، وقد يكون مدعاة لظهور الكراهية والتمييز بسبب بعض الأحكام الواردة فيه فيكون أسس لذلك بطريقة غير مباشرة، كما لم يتبين للمجلس من خلال مراجعته لتقارير الجهات الحكومية ومنها القضائية والأمنية أو من خلال وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي أن هناك شكوى من فراغ تشريعي في هذا المجال. غياب التوثيق البحثي الإحصائي ونبه تقرير رأي الأقلية في اللجنة القضائية، أن صدور الأنظمة عادة يكون لتنظيم ظواهر تحتاج إلى نظام يحكمه، ومقترح مشروع هذا النظام لم يبن على توثيق بحثي إحصائي بوجود ظاهرة تمييز أو كراهية متفشية في مجتمعنا، وكذا اللجنة في رأي الأكثرية لم تؤسس رأيها على ثبوت ذلك إحصائياً، بل ولم يرفع من هيئة حقوق الإنسان وهي جهة مختصة أي إحصائية حول الموضوع، فضلاً عن أن المملكة -بفضل الله- أقل الدول تعرضاً لما يعكر صفوها في هذا الموضوع بحكم قاعدتها الشرعية وما يحمله مواطنوها من وازع الشرع ومنطق الوعي، أما الحالات الاستثنائية فلا يقاس عليها ولا تتطلب استنفاراً تشريعياً لافتاً دونما مسوغ يمكن الاستناد إليه. أهداف مشروع النظام أشارت اللجنة القضائية إلى أن مقترح مكافحة التمييز وبث الكراهية يهدف إلى تعزيز قيم الدين الحنيف في التقارب والتعاون واحترام الآخر ومناهضة الكراهية والحفاظ على الأمن الوطني في ظل الأوضاع السياسية الراهنة، ومواجهة نزعات التطرف والإرهاب التي باتت تهدد الأمن والسلم في المجتمعات العربية والإسلامية، كما يعزز المقترح المنظومة النظامية في المملكة ويقي الدولة من مخططات وتحديات تحيط بها ومساع لتأجيج الفتن والانقسامات، إضافة إلى حظر أي إساءات للأشخاص على الشبكة العنكوبتية، والتأكيد على الاتفاقيات الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري. وحسب تقرير رأي الأقلية فغاية مشروع النظام المقترح تنظيم العقوبة للجرائم التي أوردها، وتقرر أن المقترح لا ينظم تجريم أفعال لم تجرم، وتنظيم العقوبة للجرائم التعزيرية هو مطلب ينشده الجميع ولكنه لا يقف عند هذه الجرائم الواردة في مقترح مشروع هذا النظام، وأشار الأعضاء أن الأمر الملكي الخاص بتكوين لجنة شرعية لإعداد مدونة الأحكام القضائية يحقق أهداف تجريم بعض الأفعال، فضلاً عن أن عدداً من المخالفات التي تتضمنها مقترح مشروع هذا النظام عالجتها بعض الأنظمة السارية كنظام مكافحة جرائم المعلوماتية ونظام المطبوعات والنشر وغيرهما، علاوة على أن المشروع قدم بصياغة لا تصلح كمشروع يتبناه مجلس الشورى. مخالفات شرعية ولفت الأعضاء النصار، والجرباء، والفيفي إلى أن المشروع المقترح اشتمل على مخالفات شرعية مثل ما جاء في المادة السادسة من تذويب وتهوين لجرائم كبيرة لا يجوز أن تحدد عقوبتها وتحصر في هذا النظام بسجن وغرامة، إذ يعد مركتبها -وإن كان مسلماً- مرتداً بارتكابها يُستتاب فإن تاب وإلا قتل، كالمساس بالذات الإلهية بالطعن أو الانتقاص أو السخرية والإساءة للأنبياء والرسل، وكذا ما ورد فيه من ذكر التعدي على النصوص المقدسة بالتحريف أو الإتلاف أو التدنيس أو الإساءة، إذ ليس هناك نص مقدس محفوظ إلا القرآن الكريم كما هو معلوم، وما سواه فهو محرف، وقد صدرت فتوى هيئة كبار العلماء بوجوب إتلاف أي نص غير القرآن ويدفن في مكان محترم، إضافة إلى ما ورد في النظام المقترح من حماية أماكن الشعائر الدينية ومنع الاعتداء عليها أو الإساءة إلى المقدسات والتخريب أو الإتلاف التدنيس لدور العبادة، إذ ليس هناك دور عبادة في المملكة العربية السعودية إلا المساجد التي هي بيوت الله، وأما الصوامع والبيع والكنائس مما يسمى دور عبادة فلا وجود لها في المملكة.