تخضع أنظمة الخدمات الصحية إلى التحول نحو نموذج قائم على التركيز على القيمة عوضاً عن التوسع في الحجم فقط، مما يجعل مقدمي الخدمات أكثر مساءلة من قبل المرضى ومستفيدي الخدمات، إن من مميزات هذا النموذج تحسين جودة الخدمات الصحية إضافة إلى خفض الإنفاق. بالنظر إلى قطاع الخدمات المالية والذي شهد تحولاً مماثلاً على مدى العشرين سنة الماضية، كما تطورت لتوفير مزيد من الشفافية والمسؤولية. لقد كانت مؤسسات الخدمات المالية تواجه تحدياً ثقافياً وتشغيلياً ضخماً، ولكن توفير حصول المستثمرين على فرص حيازة المعلومات عن طريق الإنترنت مكنهم من اتخاذ قرارات أكثر حكمة، لم يكن لقطاع الخدمات المالية خيار سوى التطور، جاء هذا التحول من خلال ثلاث ركائز هامة في عروض المؤسسات المالية: تحويل الخدمات إلى منتجات، ورفع الكفاءة وخفض الإنفاق، والاستفادة من وفرة البيانات لتوفير حلول للعملاء مصممة خصيصاً لهم، ويتعين على القطاع الصحي أن يحذو حذو قطاع الخدمات المالية أثناء انتقالهم إلى نموذج الرعاية القائم على القيمة، ومن ذلك: * تحويل الخدمات إلى منتجات، لنا في نظام المخصصات التقاعدية أسوة حسنة حيث إن وجود صندوق مشترك يضم أصول مخصصة مكن الأفراد من الاستثمار بسهولة لتقاعدهم ينتج ذلك استدامة جزء من المخصصات الشهرية بحسب عدد سنوات الخدمة، في المقابل في المجال الصحي، برنامج أومادا (Omada) على سبيل المثال قام بتحويل الخدمات إلى منتجات وذلك بتحويل بعض أجهزة وخدمات الرعاية الصحية التكميلية لتقدم كباقات صحية تقدم لأرباب العمل أو خطط التأمين الصحي لمساعدة أفراد المجتمع على خفض الوزن أو الحد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني وأمراض القلب. * رفع الكفاءة وخفض الإنفاق في قطاع الخدمات المالية فيمكن القول بأن وجود المنصات الرقمية تمكن العملاء من إدارة حساباتهم ومحافظتهم من المنزل، مثلما كانت المنصات الرقمية رائدة في مجال الخدمات المالية الافتراضية فان خدمات الرعاية الصحية عن بعد والتي تربط المرضى والأطباء عن طريق الهاتف أو أي وسيلة تكنولوجيا رقمية أخرى تمكن المرضى من الحصول على تشخيص أولي وتقديم المشورة في مجال الرعاية الصحية ليلاً أو نهاراً من المنزل. الاستفادة من وفرة البيانات، فإن قطاع الخدمات المالية يستخدم على سبيل المثال تطبيق منت (Mint) وهو برنامج يحصر مجاميع المعلومات المالية من مصادر مختلفة مثل بنوك، استثمارات، والمداخيل الشهرية مما يُزَود المستخدمين برؤية شاملة لمصادر دخلهم واستناداً إلى هذه البيانات فإنه يوفر توصيات موجهة لإدارة الأموال. وبالمثل، قام مركز ميموريال سلون كيترينج للسرطان بالشراكة مع اَي بي أم واتسون وكويست للتشخيص بتطبيق تحليلات البيانات الضخمة لتشخيص وعلاج السرطان. بعد تحديد التركيب الجيني لورم المرضى، يدرس واتسون من التجارب السريرية وقواعد البيانات من الأبحاث المبنية على البراهين، وتطبيق القواعد التي أنشأها كبار علماء الأورام، وبالتالي يكشف خيارات العلاج المستهدفة للمرضى.